في بعض الاحيان قد لا تكون الرجولة معيارا لتولي موقع المسؤولية في بلدنا مهما اختلفت مستوياتها.
فقد يأتينا رئيس وزراء له عقلية فذة وله ايضا تاريخ محترم.. ذلك الرئيس لو قام فقط "بحك مخه" ولا نقول "تحريكه" يستطيع في يوم وليلة ان يخرجنا من اشد الازمات وان يجعل بلدنا تسير بخطى ثابتة نحو التقدم والازدهار.. ما يحصل ان ذلك الرئيس قد لا يبقى بيننا لعدة أشهر والسبب ليس عيبا في خططه ولا سياساته بل قد يكون في تردده في اتخاذ القرار.. والاردن هو البلد الوحيد من بين دول العالم من يعتبر "التردد" سمة من سمات "الخوف" لذلك تجده قد طار في ليلة ما فيها ضو "قمر"!
قد يأتينا ايضا وزير صاحب "فكر" ورأي.. تشهد له بذلك جميع منظمات العالم وجامعاتها المرموقة, فقد كانت له مشاركات ابهرتهم نتيجة ما يملكه هذا الرجل من فكر ورؤية عميقة.
لا ننكر انه من الممكن أن يأخذ فرصته في بلده وان يصبح وزيرا.. لكن ذلك الوزير قد لا نستفيد من "فكره" الا في التصديق على "العطاءات" واستقبال الوفود الرسمية واشغال كل تفكيره بمواعيد افتتاح المشاريع التي تتبع وزارته..
قلنا ان لهذا الوزير "فكرا" ابهر "العالم" لكن من يبهر "العالم" ليس شرطا ان "يبهر" قرايبه.. فقد يكون لهذا الوزير حساسية معينة تجاه التعيينات, لذلك تجده قد اصبح عرضة "للنقد" الشديد من قبلهم.. لذلك عندما يخرج من الوزارة تتلقاه بسرعة ارقى الجامعات والمنظمات ليكون عضوا فيها.. لكن في الوقت نفسه قد لا يكون عليه "حسيفة" من وجهة نظر ابناء العمومة وقد يوصف ب¯ "الجبان"!
اردت من سرد تلك الامثلة ان اصل الى: قَدّم في بحر الاسبوع الماضي ثلاثة من الزملاء والاساتذة في "العرب اليوم" استقالاتهم التي كان وقعها علينا مدويا كونهم من خيرة الخيرة ومن اعمدة الصحيفة التي كانت تقف شامخة على كلماتهم ومواقفهم المشرفة.
جميع من عرفهم اعتبر خسارتهم فادحة كونهم اصحاب "كلمة" واصحاب مواقف "رجولية" لا يمكن لاحد ان ينكرها الا اذا كان "جاحدا".
خرجوا نعم من "العرب اليوم" لكنهم لن يخرجوا من "القلب" ولن يخرجوا من الوجدان الوطني ولن يخرجوا من ذاكرة كل مواطن قرأ حرفا لهم ووجد فيه ان وطننا يسكن في ضمائرهم الحية!
خرجوا نعم.. لكن الجميع "يتحسف" على خروجهم, فهم من الندرة في بلدنا من كتب ونشر دون ان يتسلل الخوف ولو لمرة واحدة الى اقلامهم ومكاتبهم.
اساتذتي: تقف الكلمات الى هنا عاجزة عن الوصف والتعبير, لانكم انتم اصحاب الكلمة فكيف تتكلم "الكلمة" عن صاحبها, لكن دعوني اقول لكم: تعلمنا منكم الكثير وتركتم فينا ارثا طيبا وعلى ذلك سنبقى سائرين.0
salehabuarab@yahoo.com
(العرب اليوم)