من قال إن عمان تنام باكرا؟!
حمدان الحاج
27-11-2011 01:08 PM
ومن قال إن عمان تلملم شعثها وتتجاوب مع الليل لدى حلوله فتترك الحركة لترتاح او انها تلفظ قاطنيها لأنها سئمت دبيبهم فتأمرهم بالعودة الى بيوتهم ليتركوها وشأنها أو أنها تجمع اطرافها وتتقلص فتنقبض فيما بينها وتودع الحركة تحضيرا ليوم جديد؟.
عمان لم تعد تنام لا في الليل ولا في النهار لأنها عاصمة دائبة الحركة كغيرها من العواصم العربية والعالمية بل انها تتقدم على كل تلك العواصم كونها تتناغم مع نفسها وتهدهد من يدب على ارضها وتبقى سخية مع الجميع.
وعمان تشهد حركة دائمة في الليل كما في النهار فإذا هي في ليالي الصيف تسهر حتى الصباح وما ان يحل الصباح حتى يأتي حراسها وسدنتها فيجددون عطاءها فترد التحية وتسرج خيلها وتبدأ عجلة العمل كأنها لم تسهر من قبل ولم تتعب وتعود الحياة شديدة الملامح عصية على الكسر بل انها تبعث الدفء والطمأنينة بقاطنيها وتشحذ هممهم أن هلموا واعملوا ولا تتوقفوا فما عاش من تراجع او تناثر او نكص على نفسه.
عمان لا تريد ان يقول احد ما انها لا تعطيه مما يرغب بل انها اكرم منهم واكثر عطاء مما يتوقعون فهي العاصمة المحمية الآمنة المستقرة النظيفة التي يشهد زائرها انها تتميز على غيرها من العواصم بقدرتها على التجدد والتجديد دونما تفريط بخصائصها وميزاتها لكنها تتجاوب مع الحاضر ولا تطلق الماضي وتتحضر بكل اصرار نحو المستقبل لتبقى حاضرة العواصم.
عمان جديرة بأن تشاهدها ليلا وهي تغتسل بالضياء، تتلألأ على تلالها وجبالها وشعابها وسهولها واشجارها وياسمينها وخدامها من الكبار والصغار فتأمرهم بأن يكونوا على قدر التحدي وهي تتداعى وتبقى اقوى مما يظنون او يعتقدون او يتخيلون او حتى يتوهمون في سكراتهم او صحواتهم فإن كانوا احبوها بادلتهم حبا بحب وان كانوا قاربوا على كرهها جددت ملامحها في عقولهم لتقنعهم بالعودة اليها ثانية في المستقبل.
عمان لا تتوقف عن العمل ومساحات مطاعمها مليئة بمرتاديها يأكلون بشراهة او هدوء وهي تساهرهم وتسهر على راحتهم.. وما ان يتنفس الصبح تجدد الحياة مع عمالها وصانعيها ومزارعيها ودكاكينها وتجارها وروادها فتنهمر على وجوههم بردا وسلاما رضا بما يصنعون.
عمان لا تتوقف في حياتها ولم تعد تقول لهذا انها بحاجة اليه ولا ذاك انه تأخر عليها بل هي سيول من العمل التي لا تتوقف عن الجريان فمن لحق بها كان له ما اراد وان لفظته وابعدته عن جادتها عوقب بالحرمان ولا تعود تسأله عن ما عمل او يعمل لأنها تتجدد مع من يعطي ويعمل، ولا تتوقف على حوافها مع القاعدين والخوالف؛ لأن الأصل في الأشياء العمل والعطاء والمزيد من الإصرار على ان يكون هناك مستقبل آخر ويوم جديد له مواصفاته وبداياته ونهاياته.
انها عمان؛ التي ترسم حياتها كما تشاء لا كما يشاءونها وهي حية عصية على الاحتكار او الانكسار او الاندثار.
hamdan_alhaj@yahoo.com
(الدستور)