مؤتمر تطوير الثانوية العامة المنشود
فيصل تايه
27-11-2011 02:09 AM
إن استمرار تطوير النظام التعليمي في الأردن وما يتبعه من تداعيات ... لضرورة ملحة يتطلبها عصر العولمة والتجديد .. ونحن في هذا البلد الطيب بأهله .. المبارك بمقدراته .. قطعنا شوطا كبيراً في مجال التطوير والتحديث التربوي .. ولحقنا ركب الحضارة و التقدم في هذا المجال .. وفق رؤىً تجديدية ممنهجة واكبت روح العصر .. والذي قلما وجدناه في دول الجوار أو حتى في الدول الأخرى .. بل إنني على يقين أن التجربة الأردنية في تحديث منظومة التعليم أصبحت مثالاَ يحتذى به في المنطقة.. وهذا ما يعد مفخرة لنا جميعا ..
لعنا حين نتحدث عن أهمية تطوير التعليم وإصلاحه .. والعمل على إحداث نقلة نوعية على صعيد المخرجات لتحقيق التنمية المستدامة .. فإننا نطمح إلى وضع آليات جديدة وتقنيات متطورة .. وإحداث نهضة تنموية تساهم في تحقيق التحول النوعي في عمليتي التعليم والتعلم.. لأن المعرفة والعلم هما أساس بناء الإنسان والثروة الحقيقية ومستقبل الوطن المشرق .
ما دفعني إلى الكتابة هو ما تنتظره فئات عريضة من مجتمعنا الأردني التي ما زالت متلهفة إلى إعادة وزارة التربية والتعليم - كما وعدت - حساباتها مع الفوبيا المتكررة سنويا للثانوية العامة.. خاصة وان وزارتنا العتيدة حرصت على انتهاج المصداقية في التعامل مع مجمل القضايا التربوية .. فقد وعدت الجميع عبر ضجة إعلامية كبيرة أن لا سبيل إلا الارتقاء بالثانوية العامة إلا عبر مؤتمر وطني عام وشامل يعيد النظر بالآليات المستهلكة لذلك الامتحان الوطني .. فكان هدفها إقناع المجتمع الأردني بالضرورات الحتمية لذلك .. تمشيا مع التطورات المعاصرة في مجال تحسن العملية التعليمية.. وجميعنا أدركنا أن الوزارة عازمة على المضي قدماً للإعداد لذلك المؤتمر .. بقصد الوصول إلى صيغ جديدة وتغيير قائم على أسس علمية ومداخل تقنية معروفة كالتخطيط الاستراتيجي أو الجودة الشاملة أو إعادة الهندسة أو إدارة المعرفة أو إدارة الإبداع أو الإدارة بالأهداف وما إلى ذلك.
وما لمسناه فعلياً أن المؤسسة التربوية الأردنية الرسمية والمتمثلة في وزارة التربية والتعليم جادة في هذا الموضوع وما انتظارها وترويها وتريثها وتباطؤها يدل على أنها تسعى إلى دراسة مستفيضة خشية أن تواجه الكثير من التحديات التي تفرضها طبيعة التغيرات العصرية المتسارعة في شتي المجالات.. مما يفرض عليها أن تكون مؤسسة تعلم قادرة علي تجديد ذاتها بكل همة ومسؤولية .. حتى تواكب هذه التغيرات .. وتستطيع أن تلبي الاحتياجات الحتمية المتغيرة بتغير العصر .. وتغير احتياجاته ومتطلباته
بمعنى آخر .. فإن إعادة الهيكلة للآليات المتبعة في التعاطي مع هذا الامتحان الوطني يجب أن يرقى إلى سلم درجات التقدم والنمو مواكبة لروح العصر .. لا أن يكون تغييراً لمجرد التغيير وإطلاق مفرقعات إعلامية ودعائية .. وما يتبعها من خسائر معنوية ومادية وتربوية؟
إننا نعي تماماً أن الأمر أكثر من انتهاج مداخل القصد من ورائها أي تغيير منشود .. بل يجب أن يرافقه تهيئة مسبقة للمجتمع الأردني بشكل عام والمجتمع التربوي بشكل خاص ومجتمع التعليم الثانوي بشكل أكثر خصوصية.. فكثير من التجارب التي كان هدفها النهوض بالثانوية العامة خاصة في دول الجوار كان مصيرها الفشل رغم جودتها .. إلا أنها لم تراع أبسط أبجديات التغيير المتمثل في التهيئة المسبقة وعدم إحداث التغيير بشكل فجائي وعشوائي لم تسبقه تهيئة مناسبة . ومن وجهة نظري الخاصة أجد حتماً أن الإعلام التربوي يجب أن يمارس فيها دورًا كبيرًا.
إننا نفخر أن لدينا كفاءات تربوية وكوادر عتيدة من الأساتذة الأفاضل في وزارة التربية والتعليم والكليات والجامعات يملكون رؤى تربوية تطويريه يمكن أن تنهض بالنظم التربوية القائمة في نظامنا التربوي إلى أفضل المستويات ولكن لو منحت الفرصة الكافية .. خاصة في مجال تطوير الثانوية العامة.. فمن هنا لا بد لنا أن ندرك جازمين أننا بحاجة إلى نظام تربوي متطور يراعي خصائص المجتمع الأردني المتغيرة والمتطورة مع تغير وتطور المجتمعات دون أن يكون مستوردا أو منقولا .. خصوصًا فيما يتعلق بالتعليم الثانوي.. فمن الضرورة بمكان انتهاج الطريقة الجذرية في التغيير على الدوام.. وللحقيقة أن ظهور أي خلل لا يستدعي أكثر من التحسين والتطوير في الأسلوب القائم أو في وعي المجتمع التربوي.. فالتغيير الجذري مطلوب في فترات متباعدة.. أما التحسين والتطوير فهما مطلوبان بشكل مستمر ودائم .. وفي فترات قصيرة متلاحقة متعاقبة.
إننا نأمل أن تكون منهجية امتحانات الثانوية العامة معتمدة على مجموعة من وسائل التقييم الحديثة المستندة إلى قواعد إجرائية واضحة ترقى إلى مستوى عال من التطور والتقدم لتقييم أداء الطالب بما ينسجم وطموحة وآماله ونسايره في تحصيله الدراسي عبر مرجعيات تقويم أو بنوك أسئلة مقننة الخصائص السيكومترية باحتراف؟ تمامًا كما في اختبارات التوفل وغيرها.
كذلك نأمل في أن ينعقد المؤتمر في اقرب وقت ليضع مؤشرات ومرتكزات مهمة لتطوير التعليم الثانوي تتضمن المحافظة على مصداقية الامتحان وعدالته من حيث قدرته على التمييز بين الطلبة .. وفقا لقدراتهم وجهدهم وتخفيف الجوانب السلبية المرافقة له مثل عدد المباحث والوقت المخصص والكلف المالية المباشرة وغير المباشرة وضمان تكافؤ الأسئلة في جميع الدورات وكذلك تحقيق الجودة لإحداث تنمية بشرية حقيقية في المجتمع الأردني بوضع الخطط المناسبة التي تلبي طموحات أبنائنا الطلبة متمثلا في جودة التعليم وتكافؤ الفرص للتعليم الجامعي وتصورا لجعل إنتاجية التعليم الثانوي أكثر مرونة لتمكين الطالب من التعامل مع سوق العمل والإنتاج بكل ديناميكياته وتحدياته المتجددة والمتغيرة وكذلك رؤية منظومية تتكامل فيها الأهداف والاستراتيجيات على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي والمجتمعي لتشكل في مجملها توجها ومسارا يمكن التوافق عليه مع كافة الأطراف المعنية بإصلاح التعليم لتحقيق الآمال المنشودة .
وأخيرا دعوني أتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من يساهم في إخراج المؤتمر التربوي المنشود إلى حيز الوجود وعلى رأسهم معالي الدكتور عيد الدحيات وزير التربية والتعليم وكذلك عميد إدارة الامتحانات والاختبارات في الوزارة الدكتور فايز السعودي وفرق العمل من معلمين ومشرفين تربويين ومدراء مدارس ومتقاعدين وأكاديميين ومختصين وكل من له علاقة بذلك
والله ولي التوفيق