بتارخ 31 اذار 2007 ، كتبت في " عمون " مقالا بعنوان :" السيارات الحكومية " ، واشرت في المقال الى الفوضى والاهمال في استخدام السيارات الحكومية ، وكان مقالا لاذعاً وسقفه - عال - وخاصة انني كشفت وجود سيارات نمره حمراء مسجلة بأسماء شركات خاصة وبنوك ومع اصحاب رؤوس اموال . وكشفت خلل وعدم تطابق اعداد السيارات الموجودة على ارض الواقع مع الارقام الموجودة في السجلات الرسمية والفارق يبلغ (4414) سيارة ، وهذه السيارات الـ (4414) لم تسجل في دائرة الترخيص ولم يعرف لها اثر ، وكان فحوى المقال يبحث عن مكان اختفاء هذه السيارات ؟! .
كتبت مقالي وقامت الدنيا ولم تقعد، وتلقيت اتصالا هاتفيا في ذلك الوقت من وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء يطلب فيه مقابلتي، لم اسأل عن سبب اللقاء ، فاعطيته موعد بعد اسبوعين، وعندما مازحني قائلا: " طريها اشوي " قلت له : هل تعتقدون انكم الوزراء الوحيدون الذين تعملون ؟ ! نحن نعمل ونخدم الوطن أكثر منكم ، فاعتذرت عن اللقاء إلا بعد اسبوعين لإرتباطات علمية واكاديمية واجتماعية، وبعد اسبوعين قابلته في مكتبه الوثير في البرج العاجي " رئاسة الوزراء "، فبادرني بالسؤال عن مصدر معلوماتي الوارده في المقال فقلت له : استغرب من سؤالك فانتم تصرحون للشعب وتوعدونه بانكم على ابواب انجاز حكومة الكترونية، وتطلب مصدر معلوماتي ! اقول لك يا معالي الوزير مصدر معلوماتي تقرير عليه شعار الحكومة، كنت اتوقع معاليكم ان تقابلني لتبحث معي مشكلة اجتماعية من المشكلات التي تؤرق المجتمع الأردني مثل جرائم الاحداث او العنف المجتمعي او الفقر والبطالة، اعاد السؤال عن مصدر معلوماتي فقلت له من جديد، مصدر معلوماتي تقرير حكومي وبامكانك البحث عنه ومعرفته والتقرير حاليا موجود مع صديق اعلامي بارز، استأذنت وخرجت وطلب مقابلتي من جدد فقلت له بعد اسبوع إذا كان عندي وقت وخرجت ، ورفضت مقابلته بعد اسبوع واتصل معي هاتفيا وابلغته برفضي الافصاح عن مصدر معلوماتي وقلت له " قصر العدل بيني وبينك "، ارفع قضية واذا حكم لك القاضي باخذ التقرير فانا اصدع للقضاء الاردني . وعندما سمع هذا الكلام الذي لم يكن يتوقعه ، تراجع وقال لي هذا طلب رئيس الوزراء وانا انفذ ، قلت له: ابلغ تحياتي للرئيس . وقمت بابلاغ مسؤول رفيع في الديوان الملكي بهذا السلوك المرفوض من رئيس الوزراء او وزير الدوله ، فابلغني المسؤول ان رئيس الوزراء منزعج من المقال ، فقلت هذه حقائق وبامكانهم الرد على مقالي، وهذا الشيء المتعارف عليه في ابجديات العمل الاعلامي .
تذكرت هذه القصة التي لا احب تذكرها ، ولكن الذكريات تفرض نفسها، تذكرت القصة وانا اتابع الاخبار الصادرة عن ديوان المحاسبة والتي تشير الى أن الديوان سجّل منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر تشرين اول الماضي 6163 مخالفة تتعلق بتجاوزات في استخدام السيارات الحكومية، وأن الديوان ضبط مخالفات تشمل اقتناء مركبات حكومية من قبل مسؤولين ويتقاضون علاوة بدل تنقلات في نفس الوقت ، وهذا يشكل مخالفة صريحة، مما دفع الديوان مشكورا لاسترجاع المبالغ التي تقاضوها. وتمحورت المخالفات المسجلة التي رصدتها الوحدة الخاصة بمراقبة السيارات الحكومية في ديوان المحاسبة في استخدام السيارات لأغراض شخصية، وخارج أوقات الدوام الرسمي، والسير دون أمر حركة، أو كتابة أمر حركة مفتوح، وتحميل أشخاص ليس لهم صفة رسمية، ومبيت السيارات في أحياء سكنية.
وبعد ،،، جهود ديوان المحاسبة تقدر وتشكر، ولكن ما هي الخطوات حكومية التي تساند جهود ديوان المحاسبة لمواجة مرتكبي هذه المخالفات التي تتكرر يوميا ، ومحاسبة مؤسساتهم التي يعملون بها للحد منها، ولماذا لا تفكر الحكومة بطرق مثالية للحد من هذه التجاوزات ، فعلى سبيل المثال سحب السيارات المخالفة من مستخدمهيا بطرق غير رسمية، او منحهم علاوة بدل تنقلات ، او تامينهم بسيارات حكومية الى عملهم .
مسك الكلام ،،،، لا داعي للطبطبة والسكوت على هدر المال العام بهذه الطريقة غير المشروعة، ولنتذكر بأن الحراك الشعبي للجمعة التي مضت كان يحمل شعار " جمعه استرداد المال العام " ، فلنتق الله في مقدرات هذا الوطن؛ وليتوقف كل من يستخدم السيارة الحكومية لأغراض شخصية عن هذا الاستخدام، فمنظر السيارة الحكومية غير لائقا وهي واقفة امام مطعم او سوق خضرة او ملحمه او مول او حضانة او مدرسة او داخل اسوار الجامعات ، والمشهد الذي يفلق ويجلط ان تشاهد خادمة سيرلانكية او اسيويه تجلس في الكرسي الخلفي في سيارة حكومية . يا حلاوة !!!!!
اكاديمي ،،،، تخصص علم اجتماع
ohok1960@yahoo.com