رسالة إلى صاحبة السمو الأميرة غيداء طلال صاحبة المواقف الإنسانية
عبد الجبار أبو غربية
26-11-2011 02:46 PM
بمناسبة إنشاء صاحبة السمو الأميرة غيداء طلال صفحة رائعة الفيس بوك خاصة بدعم وتشجيع مرضى السرطان, وتقديرا مني لهذه الخطوة المباركة أوجه لسموها الرسالة التالية...
سيدتي سمو الأميرة الكريمة المكرمة غيداء .. بداية, كمريض في السرطان منذ نحو أربع سنوات أشكر لك إنشاء هذه الصفحة الكريمة..
ومن ثم أحب هنا أن أشير إلى تجربتي مع هذا المرض الذي أعتبره ( مرض تافه ومغرور) .. حيث جاءني في المرة الأولى واستقر بالرئة اليسرى منتصف عام 2008م.. وتم استئصاله مع ثلث الرئة بعون الله وكرمه.. وكتبت حينها مقالا بعنوان ( وداعا للسرطان ) .. وبعد نحو سنة ونصف عاد هذا السرطان الغبي ليستقر في الدماغ بحجم 5ر2×5ر2سم, وعندما علمت بذلك كتبت مقالا وأنا داخل المستشفى بعنوان ( أهلا سرطان الدماغ .. وداعا سرطان الرئة) ..وتم استئصاله بحمد الله, وتركني أسير على (عكاز) .. وخلال هذا الأسبوع تبين أنه عاد مرة ثالثة إلى الدماغ.. وحط أيضا على (الغدة الكظرية).. وكتبت مقالا جديدا بعنوان (جولة ثالثة مع هذا الجاهل السرطان ).. وأغلب مقالاتي نشرت على موقع (عمون) الإخباري الشهير...
سيدتي صاحبة السمو .. أنا أخوض حربا ضارية مع هذا المرض التافه والمغرور .. لقد كتبت مجموعة من المقالات ضمن سلسلة أسميتها (سرطانيات) أتحداه بها إن كان يستطيع أن يفعل بي شيئا غير نذالته في إعاقة حركتي .. وقد قلت له في إحدى مقالاتي (إن جاء أجلي قبل أن أنتصر عليك فإياك أن تعتقد بغرورك أنك سبب موتي .. بل يكون عمري انتهى ) .. وعندما توفيت ابنة عمي وهي تصارع السرطان مدة إحدى عشر سنة كتبت مقالا بعنوان ( سوسن هزمت السرطان وماتت ) .. وكيف لم تهزمه وهي استمرت في صراع معه طوال هذه المدة !! .
وكذلك بدأت صاحبة المقام الرفيع, أكتب مقالات أبين خلالها لزملائي المرضى كيفية تعاملي مع هذا المرض المغرور الذي يعتقد بغروره أنه مرض مميت وقاتل.. مع أن الأعمار بيد الله عز وجل, القائل في محكم كتابه ( لكل أجل كتاب ) .. والقائل أيضا ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) .. ودليل ذلك يا سيدتي أن حادثة لحافلة تقل أربعين شخصا نجد أن الموتى اثنين أو ثلاثة بينما البقية يتوزعون ما بين مصاب وسليم .. ما يعني أن الذين أعمارهم تكون انتهت هم الذين ماتوا بينما الآخرون الذين لا زال لهم بقية من أعمار فبقوا على قيد الحياة .. وكذلك في الحروب نجد أن الجرحى عشرات أضعاف القتلى علما بأنهم نالوا رصاصا أكثر من الذين قتلوا .. إذن هي الأعمار التي تنتهي وليست الأمراض ولا الرصاص ولا الحوادث هي التي تقتل.
من هنا سيدتي صاحبة السمو, يجب أن يعي مريض السرطان أن مرضه هذا كأي مرض آخر.. ولا يجب أن يتميز السرطان في التعامل معه عن بقية الأمراض الأخرى مثل الرشح والأنفلونزا والقلب والكلى وغيرها.. وعلى المريض أن يعرف تماما أن الطبيب هو المعالج وأن الله سبحانه وتعالى هو الشافي .. كما أنه من المهم جدا أن يعرف المريض أن مرضه هذا هو نعمة من الله سبحانه وتعالى, تماما كما هو الشفاء من المرض نعمة.. ففي المرض نعمة عظيمة باعتباره كفارة للذنوب .. وفي الشفاء منه نعمة باعتبار ذلك فرصة يمنحها الله سبحانه وتعالى لعبده كي يصلح ما فسد من عمل دنيوي... واسلمي سيدتي ودمت بخير وصحة وعافية.
عمان