تمكن القائد العباسي بغا الكبير الذي أرسله الخليفة الواثق من إخماد الحركات المناوئة للخليفة العباسي في أجناد الشام خاصة جند الأردن وولاية البلقاء ، وذلك سنة 230هـ 844م فقد قتل بغا منهم خلقا كثيرا وصلبهم على الشجر واسر قسما منهم حبسهم في دار يزيد بن معاوية ، إلا أنهم نقبوا السجن وخرجوا . ولما تسلم الخليفة العباسي المتوكل الخلافة خلال الفترة من 232 هـ 247 هـ قسم المتوكل الخلافة العباسية بين ابنائة الثلاثة محمد وعبد الله وإبراهيم المؤيد ، وخصص لإبراهيم أجناد الشام ؛ دمشق والأردن وحمص وفلسطين وولاياتها وأعمالها .
وفي أيام الخليفة العباسي المستعين بين 248-252هـ قامت ثورة ضد العباسيين في جند الأردن تزعمها رجل من قبيلة لخم فطلبه صاحب جند الأردن ، إلا انه هرب وأقام مكانه رجلا يعرف بالقطامي ، وقد تزعم القطامي الحركة حتى تمكن القائد العباسي مزاحم بن خاقان التركي من هزيمته ونفى جماعة من أصحاب القطامي من الأردن .
وفي أيام الخليفة العباسي المعتز الذي حكم خلال الفترة من 252-255هـ كان جند الأردن مسرحا للقتال بين عامل دمشق نوشري بن طاجيل التركي ، وعيسى بن الشيخ عامل فلسطين ، وكانت بينهم حروب صعبة أسفرت عن مقتل ابن نوشري وهزيمة عيسى بن الشيخ إلى مصر .
إلا أن عيسى عاود ثورته أيام الخليفة العباسي المعتمد في سنة 256هـ 869م إذ أرسل قائده أبا الغراء وسيطر على فلسطين فأنفذ إليه المعتمد القائد اماجور التركي بعد أن قلده دمشق وأعمالها ، فأرسل إليه عيسى الشيخ ابنه منصور في عشرين ألف مقاتل . ولكن منصور قتل في المعركة وهزم جيشه ، فرحل عيسى ابن الشيخ من الشام إلى أرمينية .
وفي سنة 264هـ 817م استغل الطولونيون ظروف الدولة العباسية وعدم قدرتها فرض سيطرتها على الشام فتوجهوا إلى الشام وأخضعوها إلى سلطتهم . فدخلت الأردن ضمن أملاك الطولونيين الذين أقاموا دولة لهم في مصر والشام بقيادة احمد بن طولون .
وقد اهتم الطولونيون بالأردن أثناء حكمهم بلاد الشام لموقعه المتميز على مفترق الطرق وعمروا ميناء أيلة أي العقبة ، وقد وسع احمد بن طولون طريق أيلة للحجاج والتجار القادمين من مصر والمغرب وانشأ طريقا جديدة بعيدة عن شاطئ البحر ،وقد سميت هذه الطريق بعقبة أيلة ، ومن هذا الاسم أخذت مدينة العقبة اسمها الحالي .
وقد حاول العباسيون عدة مرات إعادة فرض سيطرتهم على الشام وإخراج الطولونيين منها ، ولكن الخليفة العباسي المكتفي تمكن من إعادة الشام إلى حظيرة الدولة العباسية سنة 291هـ 904م فعين الخليفة المكتفي قائده احمد بن كيغلغ على دمشق والأردن .
وفي 306هـ 918م تمكن الإخشيديون في مصر من السيطرة على الأردن فعين محمد بن طغج الإخشيدي أبي منصور تكين الجزري واليا على البلقاء والتي كانت تضم عمان وجنوب الأردن وجبال الشراة . وفي هذه الأثناء أغار رجال من لخم في شرقي الأردن على قافلة للحج فيها جارية للخليفة العباسي المقتدر فخرج ابن طغج لقتالهم من عمان وأنقذ الجارية ، مما أعلى من شانه فتولى دمشق ثم مصر .
وقد نازع الحمدانيون الإخشيديين السيطرة على بلاد الشام ومن بينها الأردن ، فكانت أجناد دمشق والأردن وفلسطين تحت سيطرة الإخشيديين ، وأجناد حمص وقنسرين والثغور تحت سيطرة الحمدانيين .
وتعرضت البلاد في العهد الإخشيدي لوطأة القبائل الغازية ، كما غزا القرامطة منطقة الأردن والشام وفرضوا على الولاة الإخشيديين دفع غرامة مالية تدفع سنويا لقرامطة البحرين ، ولم تستطع جماعة أن تردع القرامطة سوى آل طئ .
وقد تمكن العباسيون من إعادة السيطرة على الشام في سنة 328هـ 939م إذ تمكن أمير الأمراء ابن رائق من إخراج بدر بن عبد الله الإخشيدي من دمشق ثم توجه إلى الرملة عاصمة جند فلسطين، وصالح أبا نصر بن طغج الاحشيدي على أن تبقى له الرملة وما وراءها إلى مصر ، وباقي الشام ومن بينها الأردن تصبح لمحمد بن رائق على أن يحمل ابن طغج لابن رائق مائة وأربعين ألف دينار في كل سنة .
وعاود الإخشيديون السيطرة على الأردن ودمشق بعد وفاة محمد بن رائق سنة 230هـ 941م دون قتال حيث استأمن محمد بن يزداد خليفة ابن رائق عليها ، فاقره الإخشيديون على دمشق ، ثم جعلوه صاحب شرطة مصر ، فيما تولى دمشق بدرا الحرشي .