في مقابلة له مع صحيفة الصندي تايمز البريطانية نشرت يوم أمس، ألقى الرئيس السوري بشار الأسد اللوم على المتظاهرين في استمرار اراقة الدماء وكأن المشكلة هي أمنية فقط معزولة عن سنوات من الاستئثار بالسلطة أو أن الأزمة ليست سياسية بامتياز. من خلال المقابلة لا يبدو أن ما في ذهن الأسد بمستوى الأزمة الدائرة في سوريا وبخاصة وأن كل المؤشرات تشير إلى اشتداد العزلة الدولية والاقليمية على النظام الذي بات يفقد احترامة بين العرب.
انتهت مهلة الجامعة العربية للنظام السوري الذي ضرب بعرض الحائط كل المحاولات العربية لوقف قوات الجيش السوري والشبيحة من الاعتداء على المتظاهرين السلميين على اعتبار انها توطئة لتدخل دولي، ويبدو أن النظام وصل إلى نقطة لم يعد فيها قادر على وقف المقاربة الأمنية ما ينبئ عن امكانية تطورالأزمة وربما تدخل من الخارج. ومحاولات التذاكي السورية التي جاءت على شكل ثمانية عشر تحفظا على مبادرة الجامعة العربية لم تجد نفعا في افراغ المبادرة العربية من محتواها.
هذا النظام عاجز عن التعامل بايجابية مع أية مبادرة إن لم تضمن استمرار حكم النظام وبصرف النظر عن الدماء التي تراق وارتفاع عدد القتلى المرشح للارتفاع في قادم الأيام وبخاصة وأن هناك مظاهر لعسكرة الانتفاضة السورية. في المقابل لا يبدو أن المتظاهرين الذين يكتسبون زخما وتأييدا دوليا في موقف من يتراجع عن استمرار الانتفاضة بصرف النظر عن الثمن الذي يدفعونه لقاء ثورتهم من أجل التحرر. ويبدو أن الشعب السوري يخوض معركة الاستقلال الثانية سينتصر فيها على نظام لم يعد يمتلك أدنى حدود الشرعية.
على الارجح أن لا تنجح الجامعة العربية في صناعة الفرق لأن النظام السوري لا يأخذها على محمل الجد، فلم تنجح الجامعة العربية لغاية الآن في حل أي صراع عربي دون أن تكون مفتاحا للتدخل الخارجي، والنظام السوري محق في عدم أخذها على محمل الجد نظرا لأن هناك أنظمة عربية. تتحمس للضغط على سوريا متناسية في الوقت ذاته أنها بحاجة لاصلاح، بيد أن المسألة لا تقف عند هذا الحد وبخاصة إذا ما استمرت اراقة الدماء واستمر الشعب في معركة استقلاله الثانية وفقد النظام توازنه!
الراي