عندما تضيع المطالب العادلة في الابتزاز !
عصام قضماني
20-11-2011 03:17 AM
تحول إعتصامات العمال والأهالي في مواقع تواجد المصانع والشركات الى إغلاق هذه المصانع والشركات بالجنازير وقطع المياه والكهرباء عنها هو سلوك غير قانوني .
بعيدا عن الخسائر الإقتصادية وقد وقعت , ماهي الفوائد التي سيجنيها أبناء تلك المناطق لو قررت إدارات تلك المصانع إغلاقها , سوى خسارة أبنائهم لفرص عمل قائمة وأخرى مستقبلية ولإسهامات متعددة لتلك الشركات والمصانع في تنمية مجتمعاتهم المحلية .
يحدث ذلك الأن في منجم الشيدية وإسمنت القطرانة والشركة الوطنية للدواجن وما لم تتوقف سيشمل هذا الضرر مصانع أخرى تنتشر في جنوب المملكة , فماذا يعني فرض توظيف المئات بقطع الطريق والماء والكهرباء في شركات تفيض بألاف العاملين ممن لا تطيق إستيعابهم قدرات الإنتاج وماذا يعني أن يستيقظ فجأة قدامى المتقاعدين في الفوسفات والبوتاس والإسمنت الأردنية , لإستدراك حقوق بأثر رجعي زعموا أنها فاتتهم وقد كانوا قبل عشر سنوات حصلوا عليها وقبلوا بها.
ذات السلوك يتمدد على وقع شعار لي الذراع في ظل الإستقواء الذي تنامى في غفلة من الحسم الحكومي بحجة عدم الإشتباك مع المحتجين المحقين منهم وغير المحقين في نسخة سيئة للربيع العربي إزاء قضايا ليست محقة إذا ما تعلق بمطالب غير قانونية , و تغييب للقانون وإستبدال القنوات القانونية بسد الطرق وربط بوابات الشركات والدوائر بالجنازير , لتحل « القناوي والعصي « كلغة إبتزاز سائدة .
حل مشكلة البطالة لا تتم بإلصاق آلاف العاملين من غير المهنيين في المصانع والشركات , إنما في إطار خطة شاملة تحفز الإستثمار والمستثمرين لإنشاء المصانع والشركات في المحافظات والمناطق النائية لخلق فرص عمل وتوفير آليات لتأهيل وتدريب أبناء تلك المناطق , فعامل غير منتج كفيل بتعطيل حركة عشرة منتجين , وهو ماحدث فعلا عندما تم قطع المياه والكهرباء عن منجم فوسفات الشيدية فتوقف اﻻنتاج في 23 مصنع اسمدة اردنية و توقفت الأعمال الانشائية في المصنع اﻻردني الهندي، الذي يفترض أنه يحتاج الى كل ساعة عمل ليوفر 700 فرصة عمل ﻻهل المنطقة. وتوقف 500 شاحنة لنقل الفوسفات تعود جميعها لأبناء المنطقة وشل سكة الحديد وجميع موظفيها من أبناء المحافظة والمناطق المحيطة.
ما يلفت الإنتباه أنه في ظل ما يجري من تصعيد ضار , هو التداخل المثير بين طالبي الحقوق الفعليين والمدعين ممن إرتأوا أن الوقت لم يكن مناسبا كما هو عليه اليوم لركوب الموجة وأخذ ما ليس لهم ممن هو حقهم وسط « مسايرة حكومية « لا تريد صداما حتى لو كان فرض القانون غايته بينما تختبىء النقابات المهنية وتخلي مقاعدها ل « الفتونة « تحت ضغوط الشعبية .
المطلوب من الحكومة أن تتدخل فورا ليس لمصلحة رأس المال , إنما لمصلحة الإقتصاد الوطني ولمصلحة الإستثمار الوطني , فليس من رسالة سيئة للمستثمرين أبلغ من تجاهل إتخاذ الحلول , فثمة فرق كبير بين الإعتصامات لتحقيق مطالب عادلة ضمن الأطر القانونية , وبين الإضرار بمصالح الناس قبل الشركات كهدف يخلق فوضى تضيع في صخبه حقوق أصحاب المطالب العادلة الفعليين .
إستعجال تحقيق المطالب بالبدء في الإعتصامات كأول خطوة للتحركات , يعني أن أصحاب هذه المطالب قد إختاروا سلفا أسلوب الإبتزاز الذي يفقد الاعتصامات مشروعيتها لتستسلم الى أصوات قلة دفعت لمآرب خاصة بالترهيب والتخريب وسيلة للاستيلاء على حق بدون وجه حق فهل في تعطيل دورة الانتاج مصلحة وطنية ؟.. هذا ما لا يمكن أن يكون .
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)