تطالعنا الصحف اليومية منها والأسبوعية وبعض المواقع الإلكترونية بين الحين والآخر بكتابات تتحدث فيها عن مشاجرات طلابية في إحدى الجامعات الأردنية واستنادا إلى المحتوى اللغوي والموضوعي لهذه الأخبار فإنها غالباً ما تؤلمنا.

إن الكثير من ما يحصل في جامعاتنا الأردنية الحكومية منها والخاصة على حد سواء يبعث للقلق في كثير من الأحيان وبما أن لغة النقد في كثير من الحالات تبدو قاسية، فسوف اتجاهل تلك التي لا أفهم معانيها أو خفاياها، وأركز في كتابتي هذه على ما يكتب عن الطالب الجامعي والذي هو بالأصل وقبل كل شيء مواطن أردني له من الحقوق وعليه من الواجبات التي كفلها الدستور الأردني.
في هذا المضمار أود أن أطرح التساؤلات التالية عن مدى مسؤولية الطالب ، الجامعة والأسرة في ما يحصل ومن الذي يتحمل المسؤولية لإن المسؤولية في نظر الكثير هي مشتركة ولا تقتصر على طرف دون آخر ، ولعلنا في هذا المضمار نطرح التساؤلات التالية:
من قال أن الجامعة بكافة كوادرها الأكاديمية والإدارية من أستاذ جامعي ورئيس قسم وعميد ورئيس جامعة مسؤول عن كل طالب عابث يرمي بسهامه بين الحين والآخر ودون أي سابق إنذار ؟! ومن قال أن مدرس الجامعة يجب عليه أن يتابع كل التفاصيل الدقيقة المتعلقة بحياة الطالب الشخصية ويتحسس همومه وافكاره ليتأكد من وعيه فيما يتعلق بتنفيذ القوانين والأنظمة ؟! ومن يدعي بأن على الأمن الجامعي مراقبة كافة الطلاب والسيارات الداخلة والخارجة والعمل على التفتيش والتأكد من عدم وجود أي أسلحة بيضاء أو نارية ليتأكد من مدى وعي الطالب بأنه متوجه إلى جامعة وليس إلى ساحة حرب ؟! ومن هو الذي قال بأن على إدراة الجامعة مراقبة كافة الاتهامات والمطاولات والإساءات التي تصدر من هنا وهناك من قبل بعض العابثين وفي العديد من الأروقة والأماكن ؟! ومن قال أن على رئيس الجامعة مرافقة كل طالب جامعي لضمان جديته بالدراسة والعلم ؟! ومن قال ومن قال ومن قال....؟!!!! من هنا نتوقف لنؤكد أن المدرس الجامعي أو عميد الكلية أو حتى رئيس الجامعة أو أياً كان لن يستطيع القيام بعمله إذا لم يجد السند والالتزام من الطالب المحب والغيور على جامعته ووطنه في كافة المواقع والمناسبات. الطالب الذي يسانده في كل ذلك أسرة أردنية تعي وتدرك أهمية الوحدة الوطنية ، كما وتدرك أن العلامة الفارقة لإبنها تكمن في التحصيل العلمي المتميز وإنشاء علاقات مبنية على الإحترام المتبادل وتقبل الرأي والرأي الآخر ، أسرة تعي ان العلاقة بين الذكر والأنثى مبنية على أساس من الإحترام وأن الفتاة الجامعية هي الأخت والزميلة التي تستحق التعامل الأمثل.
في غمرة هذه التساؤلات أطرح كل من الآتي: ما هي الأسباب الحقيقية لهذه المشاجرات ، ومن يقف وراءها؟ وهل غدت الجامعات بالنسبة لبعض الطلبة هي اماكن للمعارك والشتم وتصفية الحسابات أم منارات للعلم والأخلاق والثقافة؟ وهل تتحمل الأسرة أم الجامعة المسؤولية الأكبر في ما يحصل بالجامعات؟ ما هو الإنتاج العلمي المقدم وما هي القيمة العلمية والثقافية المضافة للطالب خلال سنوات دراسته ؟ لماذا لم تدخل أي من جامعاتنا الأردنية ضمن أفضل 1000 جامعة على المستوى الدولي حتى تاريخه ؟ وما هو دور الأستاذ الجامعي في الإصلاح المنشود ، الأستاذ الجامعي المنتمي المحب لجامعته ولوطنه والذي يرى في طلبته المستقبل الأفضل فيعمل على صقل أفكارهم وتنظيمها، ويعمل على التعاون مع الطلبة والإستماع لهم وتقبل آرائهم وحثهم على التفكير الإيجابي ؟ وما هو دور الإدارات الجامعية في ضبط الطلبة وتعزيز دورهم العلمي والثقافي وخدمة المجتمع ، وترسيخ مفهوم المواطنة الصالحة ، وتوجيه طاقاتهم بشكل فاعل وتوسيع مداركهم وآفاقهم لكل عمل إيجابي !
يدرك العديد بأن جهد المجموعة المتكاثفة من أجل صناعة الأفضل هو أفضل من جهد الفرد الواحد، وفي نفس الآن يدرك الكثيرون بأن الفرد الذي يسخّف أي جهد مهما كان من أجل مصلحته يجب محاسبته على خطئه وعدم مجاملته على قصوره مهما كان مسئولا.
والقصور في العمل أو الأداء لا يمكن تحميله على طرف دون آخر فالطالب الجامعي هو شريك في العملية الإنتاجية ولا يمكن لأي منا أن يلوم الطالب الجامعي أو غيره عن قصور ما وفي نفس الآن لا يقوم بأعماله الوظيفية بالشكل المطلوب !
إن وضع الأصبع على الجرح النازف سهل، ولكن منع النزيف صعب يحتاج ذلك إلى من يفهم في علم الطب والتمريض، والكثير يعرف أن البحث عن أصل المشكلة وكيفية حلها هو الأصعب من النظر إلى واقع المشكلة.
لست أدعي هنا بأنني قد ملكت السبق في تثبيت الأسباب التي أوهنت مسيرت التعليم الجامعي في بعض الأحيان أو أني وجدت البلسم الذي سيشفي مرضنا، بل أجرؤ على القول بأن المسبب الأساسي لمشكلتنا هو نحن وأقصد بها الطالب، الأسرة، الجامعة، المجتمع فالمسؤولية مشتركة ويجب على كافة الأطراف العمل بإيجابية من أجل الإرتقاء بواقعنا الجامعي.