هذه دعوة لإعادة النظر بالمثل الدارج القائل: "مثل حوار الطرشان"...
ذلك أنه في الواقع لا توجد هناك مشكلة استثنائية في حوار الطرشان مع بعضهم بعضاً, فالطرشان توصلوا الى أساليب خاصة للتفاهم بشكل جيد, سواء من خلال لغة الصم أو غيرها, ثم أن الأطرش مثله مثل الأطرش تماماً مستعد لشرح ما يريد حتى يستوعب الطرف المقابل.
إذا توخينا المزيد من الدقة, علينا القول أن الطرشان عندما يتحاورون, فإن امكانية نشوء مشكلة تفاهم فيما بينهم ت¯عادل تماماً امكانية نشوء مشكلة تفاهم بين غير الطرشان.
غير أن المشكلة الحقيقية تكون فقط عندما يتحدث غير الأطرش مع أطرش, وبالطبع نحن لا نستطيع لوم الأطرش لوحده على ذلك, وجزء كبير من اللوم قد يقع على غير الأطرش, ببساطة لأن الأطرش ليس مسؤولاً عن كون محاوره غير الأطرش لا يستطيع توصيل ما يريده.
يتحاور الطرشان فيما بينهم بكل سلاسة وبتفاهم شديد, ولا ينزعج أحدهم من الآخر ولا يشعر انه لا "يستمع" إليه, ببساطة لأن الاستماع شأن يخص غير الطرشان فقط, بينما لا يحتاج الطرشان الى الاستماع او السمع.
"مثل حوار الطرشان".. عبارة صاغها القادرون على السمع ليصفوا بها شؤونهم, ولكنهم احالوها الى غيرهم وبطريقة جبانة, فهم لم يكونوا ليكثروا من ترديدها لولا انهم يعرفون ان الطرشان لن يسمعوها أصلاً.
ahmadabukhalil@hotmail.com
(العرب اليوم)