ثلاثة اطفال لقطاء تم اكتشافهم خلال اقل من اسبوع ، الاول في حاوية قمامة ، والثاني رمته سيدة في مسجد ، والثالث خلف الجامعة الاردنية. تنوع المواقع الثلاثة ما بين الحاوية والجامعة والمسجد ، امر مثير جدا ، فالام الاولى زانية وبلا قلب ، ورمت طفلها في حاوية القمامة ، والام الثانية زانية غير انها بها بعض عاطفة ، فاعتبرت المسجد بيت الله والتوابين فرمت الطفل فيه ، والام الثالثة ، زانية ، غير انها بلا قلب ولا عاطفة ، فاختارت موقعا خلف الجامعة ، عسى الطفل يموت ، كذات طفل الحاوية.
من السهل جلد الناس ، والقول ان الزنى انتشر ، وتلك اسهل مهمة قد يقوم بها المعلق ، غير ان الزنى هنا لم يكن الا دليلا على تغير البلد ، بالاساس ، فالقرية الوادعة الكبيرة ، لم تعد كذلك ، وفي السنوات العشر الاخيرة ، نشهد تغيرا كبيرا ، ما زال مستمرا ، وما كان حراما او عيبا لم يعد كذلك.
انها لعنة الليبرالية التي تسمح بكل شيء ، هم الليبراليون الذين يريدون بيع الهواء في البلد وخصخصة الاخلاق ، انهم الليبراليون المتوحشون ، الذين باسم حرية المال ، جلبوا للبلد ، كل هذه التغييرات ، من ثقافة الستالايت ، فوق كل بيت قديم وخيمة ، الى الانترنت ، الذي لاتتم رقابته على الصعيد الاخلاقي ، الى انهيار الطبقة الوسطى ، التي كانت تؤمن الاستقرار للمجتمع ، والفصل بين الطبقات الاخرى.
انه الجوع ، وبحث الجوعى عن تعويض بالحلال او الحرام ، انه الجوع الذي سبب انهيارا في الضوابط الاخلاقية ، حين يغزونا العالم الحر الجديد ، ووكلاؤه في البلد ، فيسعون الى تغيير الهوية المجتمعية ، ويسقط الناس تحت ضغط الفساد الذي اطل عليهم ، فلا يستطيعون تمويل النظام الاجتماعي القائم على الحلال والبدائل الكريمة والنظيفة والشريفة.
غدا وبعد غد سنسمع عن كثير من هذه الحوادث ، واعلامنا الحكومي مشغول فقط بثقافة النفي ، ومنابر المساجد ما زالت تتحدث عن فقه الوضوء ، والبيوت غزاها التغيير من داخلها وخلفها ومن تحتها وفوقها على حد سواء. ما لم تفعله اسرائيل بالحرب ضد هذا البلد ، يفعله التغيير السريع والهائل لقيم الناس ، حين يصبح البلد مفتوحا لكل من هب ودب ، وحين تغيب هيبة القانون والمؤسسة ، وحين تغيب الانظمة الدفاعية عن قيم المجتمع ، لتحل محلها قيم وعظية جافة لا تؤثر بقائلها فكيف بالمستمعين.
ما بين من يتسمم بالحليب للمرة الالف ، او يتسمم بالشاورما ، او بالمياه الملوثة ، وما بين من لا يجد قسط ابنه في الجامعة ، وبين من يسهر طوال الليل وينفق الاف الدنانير على السهر الحرام ، وحوله الاف الجياع ، وبين مائة ناد ليلي في عمان وعشرات البارات ، وانخفاض الروح المعنوية للناس ، وسطوة الاعلام الفضائي ، فان العامل المشترك الوحيد ، هو اننا امسينا نعيش في بلد لا نعرفه ، في بلد ليس لنا ، في بلد يسيطر عليه المال وقيم المال ، تلك القيم التي تريد سرقة رغيف ابن البادية الجنوبية ، مثلما تريد سرقة شرف هذه الفتاة او تلك.
لننتظر الكثير من المفاجآت ، ما دامت العربة ، تسير دون ان يوقفها احد ، ودون ان نجد من يعترف ان اهم ميزة في بلدنا العزيز هذا ، هي النسيج الاجتماعي ، والضوابط الاخلاقية المتفرعة عنه ، وما دام هذا النسيج يتمزق تحت وطأة اسباب كثيرة ، فان علينا ان نخاف على انفسنا حق الخوف.
ثلاث امهات زانيات ، تسببن بهز عمان في بحر اليومين الفائتين ، وغيرهن كثير يزنون ، في الظلام ، دون خوف ، رغم ان عين الله لا تنام عما يفعلون.. ولا نملك الا ان ندعو الله باللطف.