الدولة المدنية مفتاح الديمقراطية
نبيل غيشان
17-11-2011 03:03 AM
كل المؤشرات تسير باتجاه التسليم بان التيارات الاسلامية السياسية هي القادمة لتعتلي المسرح السياسي خلال الاعوام المقبلة في العديد من البلدان العربية وفق معطيات الثورات في تونس ومصر وليبيا, فهل نقبل بذلك ام نحارب تلك التيارات?
الجواب لدى حملة الفكر الديمقراطي واصحاب نظريات الدولة المدنية يقول ان اهم اسس الديمقراطية هو القبول بافرازات صناديق الاقتراع مهما كانت النتيجة, فالشعب هو الذي يقرر مصيره, و ليس المهم شكل الدولة بقدر ما هو محتواها بحيث تكون دولة عادلة او دولة مستبدة فاسدة?
الربيع العربي فرضه الاستبداد السياسي وفشل السياسات الرسمية وما خلفته من دمار اقتصادي جاء على شكل فساد وبطالة وفقر وحرمان. فالتيارات الاسلامية لم تتصدر المشهد لانها قدمت حلولا عملاتية لما تعاني منه الشعوب, بل بما تعد به من شعارات العدالة والمساواة, والاهم من ذلك ان الانظمة العربية بلا استثناء وفي إطار المصالح المشتركة, مهدت لها الطريق بالتدخل في التفاصيل اليومية لحياة المواطن وفرض رؤيتها "اصحاب شرعية دينية"ووصاية بتحديد الخطأ من الصواب.
والان, بعد ان انجزت الثورات اهدافها بالاطاحة بثلاثة انظمة والحبل على الجرار, فكيف ستكون العلاقة بين الاسلام السياسي والتيارات الديمقراطية, هل يفترقان ام يتفقان?
تقول الادبيات السياسية بان لا احد يمتلك "ماستر كي" لفتح كل الابواب او نموذجا يمكن اعتماده كحل افضل في التحول الديمقراطي, لكن الاتفاق على اسلوب جديد يضع خارطة تحدد طريقا للعمل السياسي بشواخص و خطوط حمراء وخضراء لكل التيارات السياسية على قاعدة القبول بالديمقراطية كثقافة قائمة على صناديق الاقتراع.
وهذا يستدعي قبول الشراكة وتبادل الادوار في الدولة المدنية دون تصيد طرف بآخر وفرض قناعاته , وعدم الاختباء وراء مبادىء دينية بل التأكيد على ان الدولة من صنع البشر وليس غيرهم وأن كل عمل سياسي مصدره الدستور والقوانين القائمة على إرادة الشعب.
يبدو ان النموذج التركي والتونسي اصبح اكثر اقناعا في الدول التي يمكن ان تشهد صعودا للتيارات الاسلامية. والمطلوب عقد تفاهمات اجتماعية سياسية ترسم طريق المستقبل وهذه مهمة عاجلة للدولة ومهمة البرلمان ايضا وكل مؤسسات المجتمع المدني, لان الشعوب التي ذاقت طعم الحرية قادرة على اسقاط اي نظام يصل للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع وينقلب الى الاستبداد.
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)