لم يعد ممكناً استمرار حال الأنظمة العربية على ما هو عليه في ممارسة الحكم وتولّي السلطة، إذ أنّ ما كان متعارفاً عليه بشرعية الحكم قد سقطت تماماً، وبات التغيير مطلباً عاماً وليس مقصوراً على نظام دون آخر، والعمل جار الآن بحثاً عن شرعية جديدة، وهذا ما حدث في تونس ومصر وليبيا، وتنتظره اليمن وسوريا.
لقد ولّى زمن حكم الفرد والحزب الحاكم، وباتت أنظمة الرئاسة محلّ إعادة فك وتركيب، وهي الآن تترنّح، ولن يطول أمد انتقالها إلى مرحلة جديدة، سيكون أساساها تغيير نهج الحكم وممارسة السلطة، في حين تقف أنظمة الحكم الوراثي أمام منعطف جديد يفرض نفسه بقوة، لإحداث تغيير جذري في نهج الحكم، سيكون أساسه إعادة حق الشعب لحكم نفسه.
ما يجري في سوريا سيذهب بها حتماً نحو التغيير، ولن يستمر النظام الحالي، وهناك أكثر من سيناريو لتحقيق ذلك، والأفضل من مجابهة استحقاق التغيير، الاعتراف به، والتساوق معه، وإعلان قبوله دون تأخير، إذ أنّ أيّ محاولة لمنعه محكومة بالفشل دون أدنى ريب.
وبدل المزيد من القتل والتدمير، وانتظار الأسوأ عندما يحين موعد التدخل الخارجي، فإنّ إعلان تسليم السلطة، والتنازل عنها للشعب يعدّ خياراً عاقلاً جداً.
والأمر ينطبق على باقي أنظمة الرئاسة العربية، حتى تلك التي لم تتحرّك شعوبها بعد.
أمّا أنظمة الحكم الملكية الوراثية، فإنّها بذات الحاجة للتفكير العاقل، والاعتراف من تلقاء نفسها بالحاجة للتغيير، كونه استحقاقاً عاماً وليس مجرد تنازلات، وليس خافياً أنّ المطلوب هو الانتقال إلى نهج جديد في ممارسة السلطة يكون أساسه حق الشعوب باختيار حكّامهم وآلية تولّي السلطات.
شعوب العالم يختارون حكّامهم، بمن فيهم هؤلاء الشعوب الفقيرة، وحدهم العرب الذين ما زالوا في بداية الطريق، وسينجزون الأمر عاجلاً أم آجلاً، ولن يفيد أيّ حاكم أيّ قتل لمنع ذلك، ولن يكون مصير أيّ منهم أفضل من الذين ذهبوا إلى غير رجعة، وكان مصير القذافي هو الأسوأ، وهناك أسوأ منه بكثير، وبدلاً منه التنازل طواعية للشعوب.
(السبيل)