قرأت باندهاش واستغراب تصريحات الأمين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ زكي بني أرشيد والتي نشرت مؤخرا في مقابلة صحفية في مجلة Jordan Business ، ولعل أبرز ما ورد في المقابلة الصحفية رزمة المعلومات غير الدقيقة المتورمة بالأخطاء التي كان يجب على مطلقها وهو أمين عام حزب سياسي التأكد من صحتها والتسلح بالرقم الدقيق والحقائق الموثقة ، بدلا من البيانات والتصريحات المسمومة التي تعود الشيخ على بثها بين الفينة والاخرى بهدف الاساءة لسمعة الأردن ومسيرته النموذجية في التقدم والعطاء والنجاح.
ولعل الامانة في الرد تقتضي ان انقل حرفيا ما جاء على لسان الشيخ والتي وردت في تصريحاته الصحفية فقد قال : " تزعم الحكومة ان قانون الانتخاب 1993 جاء لدعم المناطق الاقل حظا والذين يسكنون في المناطق الهامشية مشيرا إلى أن هؤلاء الناس في هذه المناطق اقل تعليما ومعرفة ثقافيا وسياسيا ، لذا يجب الا يشكلوا اغلبية في البرلمان " انتهى الاقتباس : ولعل الوقائع والوثائق والمعلومات المتعلقة بالانتخابات النيابية والتي يستطيع الامين العام الاطلاع عليها تدحض وتكشف زيف هذه التصريحات الصحفية وذلك من خلال المعطيات التالية :
اولا : حزب جبهة العمل الاسلامي الذي ينتقد قانون الانتخاب ( 1993) وهو القانون الحالي للانتخاب كان اول حزب سياسي يعلن رغبته المشاركة في الانتخابات النيابية في للمجلس الرابع عشر (2003) ، بالرغم من مشاركة شارك ( 20) حزب سياسي في الانتخابات النيابية من اصل 32 حزب سياسي في الاردن الا ان حزب جبهة العمل الاسلامي في ذلك الوقت لم يكلف نفسه عناء التنسيق مع هذه الاحزاب لاتخاذ قرار موحد، وفاجأ الاحزاب الاخرى واعلن رغبته المشاركة في الانتخابات والاحزاب الاخرى كانت لم تزل مصدومة جراء سقوط بغداد والاحتلال الامريكي للعراق .
ثانيا : يدعي الشيخ بني ارشيد ان سكان المناطق الاقل حظا اقل تعليما ومعرفة ثقافيا وسياسيا . ولعل المعلومات والتقارير التنموية تكشف عكس ذلك ، فيما يتعلق بالتعليم تبلغ نسبة الامية عند السكان الذين تتجاوز اعمارهم الخامسة عشر اقل من ( 1%) ، اما بالنسبة للمدارس التابعة للحكومة فهي منتشرة في مناطق المملكة كافة وهناك تركيز واضح من الحكومة على المناطق النائية والبعيدة ، وتساهم القوات المسلحة الاردنية الباسلة من خلال الثقافة العسكرية والمدارس التابعة لها في المشاركة في عملية التعليم في هذه المناطق ، وهناك طلبة وطالبات في كليات الطب وطب الاسنان والصيدلة والهندسة وفي شتى الفروع والتخصصات العلمية الموجودة في الجامعات من سكان البادية .
ثالثا: اما قول الشيخ بني ارشيد انهم اقل معرفة ثقافيا وسياسيا ، فلعل ارقام المشاركة في الانتخابات النيابية تبين عكس ذلك ، فالتنمية السياسية والحرص على المشاركة في الانتخابات والاجماع على المرشح المناسب موجودة في تلك المناطق اكثر من غيرها ، اما الذين يقولون ويتبجحون بأن العمل في السياسة والتنمية السياسة موجودة في المدن فهذا كلام مردود عليهم ولعل نتائج الانتخابات تكشف حرص هؤلاء السكان على المشاركة في الانتخابات وتقاعس سكان المدن الكبيرة عن المشاركة في معظم فعاليات الانتخابات بدءا من التسجيل وتحديد الدائرة فالاقتراع . فنسبة الاقتراع في البادية كانت كما يلي : بدو الشمال (83%) ، بدو الوسط ( 80.6%) بدو الجنوب ( 78.8%) وفي بعض الدوائر (89%) مقابل نسبة الاقتراع في محافظة العاصمة ( 43.1%) والزرقاء (48%) فمن هم الاحرص على المشاركة السياسية سكان المدن الكبيرة التي تتواجد فيها مقراتكم الحزبية ام البادية ، اما قولك اقل تعليما فأني ابين لك ان (85) نائب في البرلمان مستواهم التعليمي بكالوريوس فأعلى ، وان نائبا واحد فقط مستواه التعليمي اقل من الثانوية وهو ليس من ابناء البادية ، و(12) نائبا مستواهم التعليمي توجيهي و(12) نائبا مستواهم التعليمي دبلوم متوسط .
رابعا: اما بخصوص قول الشيخ " لذا يجب الا يشكلوا اغلبية في البرلمان " ، فاقول جازما أن امين حزب جبهة العمل الاسلامي لم يكن اميناً في نقل الحقيقة المثبته في قانون الانتخاب وتقسيم الدوائر وعدد المقاعد المخصصة لها ، ويتضح ان الشيخ الجليل لا يعرف شيئا عن قانون الانتخاب وعن المقاعد الانتخابية وتوزيعها حسب الدوائر الانتخابية . فعدد المقاعد المخصصة للبادية هي ( 9 ) مقاعد فقط من اصل ( 110 ) مقاعد اي بنسبة (8%) ، هل الـ ( 8 %) تعني في قاموس بني ارشيد اغلبية ؟!.
خامسا: لقد تجلت المعرفة والثقافة السياسية في احلى صورها في مشاركة المرأة البدوية والتي نعتز بتسميها في هذا الاسم بالاقتراع والترشيح للانتخابات وحصول المرشحات في تلك المناطق عن اصوات المرشحات في المدن ، فكيف تسمي سكان هذه المدن اقل تعليما وثقافة وسياسة ؟! .
سادسا : لعل حجم النواب المنتسبين للنقابات المهنية يتضح من خلال نواب المجلس النيابي الرابع عشر ( 2003 ) حيث فاز في الانتخابات أعضاء مسجلون في ( 12 ) نقابه مهنية هي ( المحامين ، الاطباء ، الصيادلة ، المهندسين الزراعيين ، تجار المواد الغذائية ، اصحاب الشاحنات الأردنية ، الصياغ والمجوهرات ، تجار الاجهزة الكهربائية والمفروشات ، الاتحاد العام لنقابات العمال الأردنيين، المقاولين، النقل الجوي ) . فماذا تسمي النقابات في قاموسك فهل الاعضاء المسجلون والمنتسبون للنقابات اقل معرفة سياسيا وثقافيا وتعليما ؟! ولعل نواب البادية المسجلين والمنتسبين للنقابات لهم حضورهم وفعاليتهم في النقابات المهنية وفي المجتمع الاردني .
وبعد ، لا ادري لماذا يضع فضيلة الشيخ نفسه في هذه المواقف ويتسلح بالمعلومات غير الدقيقة والرأي المخترق، هل اصبح الميكروفون والكاميرات والمحطات الفضائية والنجومية والقدح والذم والتطاول والتشهير والتلفيق جزء من برنامجه الروتيني اليومي الممل ، ام ماذا يسمي تجاهل هذه الحقائق ومضامينها؟! ، ام انه ينسى ان الشعب الأردني من اكثر الشعوب ثقافة ومعرفة وتعليما وانتماء ومحبة لتراب هذا الوطن ويرون مستقبله مشرق بأذن الله .ونرفض هذا التطاول الواضح والمكرر في كلمات وتصريحات وبيانات الشيخ بني ارشيد، ونقولها بالمفتوح وبالبنط العريض لا نريد امناء احزاب سطحيين يقرؤون المكتوب بالمقلوب، ويتجاهلون ويتطاولون ويتفنون في الاساءة الى ابناء هذا الوطن، ويبثون سمومهم وفتنهم وآرائهم المخترقة .
اخر الكلام ....... يا شيخنا الفاضل سأفترض بأنك من المطلعين والمتابعين والعارفين بالانظمة والقوانين ، وحتى لا يخرج علينا قراء سطحيين وندخل في مساجلات شخصية معهم ، خاصة بعد دحض كلام شيخنا الجليل وكشف رداءة محتوى ومضامين تصريحاته، ارجو ان اشير إلى ان شيخنا الفاضل باتت تنطبق عليه اقوال الشاعر :
اذا كنت تدري فتلك مصيبة واذا كنت لا تدري فالمصيبة اعظم
Ohok_90@yahoo.com