الاعياد تشكل محطة وقوف في مواجهة الحياة الروتينية التي تسود الايام على نحو دائم مع استثناءات ليست كثيرة لمعظم الناس اجمالا, فالاصل فيها هو استثمار ما تتيحه من عطلة طويلة في التغيير نحو الافضل في النمط الاعتيادي الذي يقتل الوقت سواء في العمل او الفراغ معا, لان مثل هذه المناسبات المباركة لا تتكرر كثيرا بل هي معدودة جدا في العام الواحد, ومن الظلم لمعانيها واهدافها الروحية والنفسية العميقة ان يكون طابعها كغيرها بلا اي تبديل عما هو متعارف عليه الى حد الملل.!
نستذكر حديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ونحن نستقبل مع فجر هذا الصباح اول ايام عيد الاضحى المبارك مع تكبيرات تملأ الروح والوجدان, في دعوته الناس الى البهجة والفرح حين يوصي باهمية الترويح عن النفس لان "القلوب اذا كلت عميت", خاصة وان هذا العيد له لون خاص يستدعي تمثل فرحة الحجيج وهم ينفرون من عرفات ويستعدون لذبح اضاحيهم بعد ان ادوا اهم منسك من فريضة الحج.!
صحيح ان هموم الحياة كثيرة وتكاد تطغى على كل ما عداها .. الا ان هذا الحال ذاته يفترض ان يكون دافعا نحو البحث عن كل ما يبهج النفس ويخفف عنها في خضم اشهر طويلة من المعاناة على اختلاف صنوفها والوانها, فأوجه الفرح عديدة وهي من آداب العيد حين يتم وصل الارحام وتبادل التهاني والتزاور الذي بات من عادات الماضي في هذا الزمن العجيب, ومن حق افراد الاسرة ايضا ان يجدوا متسعا من الوقت للخروج من البيوت التي ضاقت على سكانها في كل شيء.!
يظل السؤال المطروح هو .. هل نستطيع تجاهل محنة الايام العادية وعذاباتها في العمل والدراسة ومتاعب العيش التي لا تقف عند حدود? الاجابة تتوقف على نظرة الانسان الى الاعياد واعترافه بها من حيث المبدأ, وهنا لا بد من تمثل المعاني العميقة والفلسفة الايمانية التي تقوم عليها, لانها ترتبط بما نصت عليه العقائد الإلهية وتتزامن مع احياء فرائض دينية لا بد وان يفرح بادائها الجميع, وهذا ما يميز هذه الفترات المباركة, ويمكن اعطاؤها حقها كلما كانت استجابتنا لها من خلال الاقبال على الدنيا وعدم ادارة الظهر دوما لكل منابع الخير والسعادة وحتى لو انها في غاية البساطة.!
بما ان عطلة عيد الاضحى المبارك لهذا العام تدوم على مدار اكثر من اسبوع .. فلعلها بحد ذاتها مثار فرح الكثيرين الذين يكدون من مطلع الشمس الى مغيبها ويتوقون الى البحث عن الراحة من هذه الدوامة المستمرة, لكن هنالك المزيد مما يمكن ان نفعله ليشيع البهجة في النفوس والخروج من نطاق الرتابة القاتلة والهم الذي لا يقف عند حدود .. يجب ان لا ننسى ان عقيدتنا وتقاليدنا تحض على ان تكون ايام العيد مواسم فرح .. فلنجعلها مختلفة عن غيرها قدر الامكان, وكل عام وانتم بخير.0
Hashem.khreisat@gmail.com
(العرب اليوم)