إما ان تنحاز للناس ومطالبهم وحقوقهم في الاصلاح الحقيقي، واما ان تظل واقفاً تتفرج، بانتظار نهاية "الماراثون"!
اذا كنت من الصنف الاول فأنت مواطن تعرف ما لك وما عليك، وتفهم ما يدور حولك, وتؤمن بأنك جزء من مجتمع وبأن لك نصيبا فيه، وتتصرف وفق ما يمليه عليك ضميرك بعيداً عن "فزاعات" التخويف والاجندات التي يريد البعض ان يجرك اليها.
من حقك - حينئذ - ان ترفع لافتة "المواطنة" على اساس الشراكة، وان تجد لك "مقعداً" في ميادين الفعل والعمل، وان تنتزع حقوقك التي تستحقها، وان تطرد من داخلك هواجس التاريخ والمستقبل، وان تستعيد حضورك وشرعية وجودك ايضاً.
اما اذا كنت من الصنف الثاني فستبقى في حيرتك، وسيأخذك الانتظار الى طريق مسدود، ولن يكون بوسعك ان تصطف في "طابور" الحقوق او ان تطهر ذاكرتك من الشك او ان تحصد ثمار ما زرعه غيرك. كما انك لن تجد لك مقعداً لا في الملعب ولا على مدرجات المتفرجين.
ثمة من يريد ان يقنعك بأنك "ضحية" ولا علاقة لك بما يحدث، او بأنك "فائض" عن الحاجة، او بأن "خصوصيتك" او تجربتك المرّة تفرض عليك ان تظل واقفا على الرصيف، وثمة من يحاول ان يزرع بداخلك اسئلة من اللاجدوى والخوف والتردد، او اجابات "طازجة" عن الحكمة والمصلحة وحسابات الحقل والبيدر.
اذا اقتنعت فلا نصيب لك من المستقبل، ولا شيء يسوّغ لك ان تقف على رجلين اذا دقت ساعة الاصلاح، أو ان تمد يدك لتصافح الذين خذلتهم في الامس، بأي "عين" ستقابلهم، وبأي كلام ستواجه اسئلة ابنائك حين تسرد عليهم قصة اولئك الذين تثاقلوا الى الارض وسحبتهم حساباتهم ومخاوفهم الى الظل؟!
حين تدقق في مواقفك من المواطنة والشراكة، وفي نضالك من اجل حقوقك وفي النسيج الاجتماعي الذي تعبت في "حياكة" اطرافه، وفي العيش المشترك الذي اضاء دروبك، تدرك على الفور بأنك جزء اصيل من معادلة قامت على موازين "الاخوة" واستقرت في تربة المحبة، وكسرت حواجز الشك والخوف والتعصب والفرقة!
أنا وأنت واحد في هذه الموازين مهما كانت معادلاتها، لم اتركَّ لحظة فكيف "تستقيل" من "الشراكة" وكيف تدير ظهرك للتاريخ وكيف ترد يدك عن يدي الممدودة، وكيف تدير عني وجهك حين اقول لك: تعال يا أخي معي.
لا شيء يمنعني من ان أقدر مخاوفك وان التمس الاعذار لعزوفك وشرودك وحيرتك، لكن من قال إننا لا يمكن ان نتفق، نحن نريد معاً ان نبني وأن نتعاون ونتدافع نحو مصلحتنا، مصلحة الوطن، ونحو مستقبلنا: مستقبل البلد، ونحو كل عزيز عليك وعليّ ايضاً، نحن نريد ان نتحرر من هواجسنا وان نتجاوز ذكرياتنا الاليمة، وان نبدد ما عكر صفونا من غبار.
أنا وأنت، مهما كانت مواقفنا السياسية أو اتجاهاتنا الدينية أو اعراقنا وأصولنا، مهما كانت مواقعنا ونوازعنا، فنحن "مواطنون" أردنيون ودربنا الوحيد للمستقبل يمر من بوابة "الاصلاح" فلا تمطّ - أرجوك - شفتيك متعجباً، ولا تظن أنني "ازاود" عليك.. نحن في المركب معاً ويجب ان نبقى معاً حتى النهاية!
(الدستور)