365 بطلا أردنيا في السنة!
باتر محمد وردم
05-11-2011 02:40 AM
منذ سنة تقريبا والشعب الأردني يتعرض وبشكل يومي إلى تدفق لا ينتهي من البيانات والتصريحات والمقالات والمؤتمرات والمسيرات والمظاهرات التي تنشر مضمونا سلبيا حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وإن كنا لا ننكر أبدا وجود منظومة مقلقة من المشاكل وخاصة سوء الإدارة العامة والفساد وغيرهما من القضايا التي ننتقدها منذ بضع سنوات وقبل الربيع العربي وتداعياته على الأردن، نجد أنه من الظلم وعدم الإنصاف تصوير الأردن بأنه ساحة من الممارسات السلبية وتجاهل الكثير من المكتسبات الإيجابية التي تحققت في السنوات الماضية ولا تزال تحدث يوميا بفعل جهود مئات الآلاف من الأردنيين في كافة مواقعهم.
في موسم رفع وتيرة النقد وعقيرة الصراخ ما بين المعارضة والموالاة، يحتاج المواطن الأردني إلى نماذج إيجابية من أقرانهم من الأردنيين الذين قليلا ما يتكلمون ولكن كثيرا من يفعلون، وفي موسم تصنيف الموالاة والانتماء حسب المواقف السياسية أو الأصول والمنابت يحتاج المواطن الأردني إلى التعرف إلى مواطنين آخرين يقدمون للأردن أكثر مما يأخذون منه، ويساعدون بقية الأردنيين على تحسين نوعية حياتهم عبر الجهد التطوعي أو المتخصص في مواقع العمل الميدانية وفي القرى والمحافظات والبوادي وكافة التجمعات، بدلا من البقاء أسرى أبطال الإعلام والمسيرات والتصريحات الفضائية الذين يملؤون الدنيا كلاما.
هذه دعوة إلى وسائل الإعلام لتخصيص مساحة يومية يتم فيها الحديث عن أردنيين متميزين حققوا إنجازات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية خدمت البلاد والعباد سواء من خلال عملهم المحترف او من خلال جهود تطوعية أو بناء مشاريع ومبادرات حققت تغييرا ملموسا في نوعية حياة الناس. لن تكون هنالك صعوبة أبدا في الحصول على هؤلاء الأبطال الأردنيين لأنهم موجودون في كل مكان، وفي كل قطاع وما علينا إلا البحث خارج النطاق الاعتيادي من الشخصيات العامة وسنجد مواطنين عاديين مثلنا قدموا الكثير للأردن وشكلوا نماذج للولاء والانتماء الحقيقي بالعمل والجهد لا بالتنظير والتصنيف الفارغ من المضمون. نحن لا نتحدث هنا عن دعاية سطحية لاشخاص اصحاب قدرات اتصال واسعة لتلميع أنفسهم بل لتسليط الضوء على انجازات فردية أو مؤسسية تتجاوز المألوف وتعطي نموذجا لكل واحد منا بأنه يمكن من خلال جهد منظم وإرادة قوية تجاوز المعوقات التقليدية لتحقيق النجاح وخاصة في مجال خدمة الآخرين. يكفينا هذا الضخ السلبي من الأخبار والمقالات اليومية ودعونا ننظر إلى ما هو إيجابي في الأردن.
التحدي الآن ليس فقط في استعادة الثقة بين المواطن والدولة كما يقول رئيس الوزراء وتقول المعارضة، بل في استعادة الأردنيين الثقة بأنفسهم وفي المكونات الإيجابية والمزايا الإستثنائية لهذا المجتمع وقدرته على مواجهة المصاعب وهذا لن يتحقق بالتنظير والوعظ والإرشاد بل بتقديم النماذج الحقيقية لأردنيين يستحقون كل الاحترام والدعم قرروا ألا يقبلوا بما هو تقليدي وبالتالي أسهموا في تغيير أنفسهم ومجتمعاتهم وأحيائهم وقراهم. نريد أن نقرأ ونشاهد أعمال هؤلاء بدلا من مطاردتنا يوميا من قبل اصحاب الصوت العالي في النقد وإنكار المكتسبات أو أصحاب الدعايات السطحية لتجميل الواقع وإنكار المشاكل.
batirw@yahoo.com
(الدستور)