وصل عدد سكان الأرض إلى سبع مليارات نسمة في ظلّ توقعات بزيادة هذا العدد مستقبلاً إلى ستة عشر مليار نسمة خلال عقود قليلة من السنوات, ممّا جعل هذه الزيادة الكبيرة في أعداد السكان مقلقة للعلماء المختصين, خاصةً في مجال الغذاء والموارد, فهم يتساؤلون هل تكفي موارد الأرض لهذه الأعداد المتزايدة.
هناك عدد من الخبراء الغربيين على وجه الخصوص يحملون نظرية مشتقة من النظام الرأسمالي تقوم على فكرة أنّ موارد الأرض محدودة وأعداد السكان في تزايد ممّا يؤدي إلى عدم كفاية الموارد للزيادة السكانية الكبيرة, وهذا سوف يؤدي إلى التزاحم والصراع وعدم الاستقرار السكاني.
وينطلق الغربيون من إحساس مشوب بالقلق البالغ, أنّ الزيادات السكانية كلها أو أغلبيتها الساحقة تحدث في المناطق النامية ودول العالم الثالث الذي يعاني من التخلف والتأخر التقني وقلة الموارد, ممّا يحتّم التوقع بحدوث تهديد فعلي للعالم الغربي, الذي يعيش الرفاهية بكل معانيها ويعيش رغد العيش, وتأمين حاجات المواطنين الضرورية والحاجية التعليمية من توفير التأمين الصحي, وضمان الشيخوخة, وتوفير ومتطلبات التقنية المعاصرة.
فهؤلاء العلماء لا يقلقهم متطلبات الأجيال الجديدة في العالم النامي, وإنّما يقلقهم الخوف من تأثير ذلك على نقصان المستوى العالي والمتقدم للأجيال الغربية.
على كلّ حال ليست المشكلة الحقيقية في الزيادة السكانية; لأنّ موارد الأرض تكفي كل من عليها, لكن عندما يتمّ التعامل مع هذه الموارد بطريقة منهجية صحيحة تقوم على الحفظ والتوفير والصيانة, وتقوم على حفظ حصة الأجيال القادمة والمتعاقبة إلى يوم الدين, فجيب الابتعاد القطعي عن سياسية استنزاف الموارد في عهد جيلٍ واحد, بطريقة مسرفة تقوم على التبذير وتخلو من التقدير والحكمة المطلوبة.
والأمر الآخر يجب الالتفات إلى ركن العدالة بين البشر; لأنّهم جميعاً شركاء في موارد الأرض, فلا ينبغي لأمّة من الأمم أن تحتكر الموارد من دون الأمم الأخرى, ولا يجوز لأي أمّة أن تتبع فلسفة حرمان الآخرين من المشاركة في التمتع الكامل بالموارد بطريقة عادلة تقوم على التعليم والتدريب وبذل الجهد, ومحاربة الكسل والتواكل ومحاربة التخلف والأميّة في كل مجالات العلم النافع.
والتحذير هنا يجب أن يكون واضحاً وجليّاً, لهؤلاء الغربيين الذين يستأثرون بالموارد والعلم والتكنولوجيا والقوة; أن يتجنّبوا التفكير في معارك الفناء للأجيال, وافتعال الحروب لإنقاص البشر في دول العالم النامي, فهذا أسلوب يقوم على فكرٍ عنصريّ تمييزي قاتل.
إنّ ما تنفقه الدول الاستعمارية على الحروب, ومصانع الأسلحة وأدوات الدمار, يكفي لإعاشة الأمم كلّها, وقادر على اجتثاث الفقر والبطالة بكل يسرٍ وسهولة, عن طريق إيجاد المشاريع التعليمية, ومشاريع التشغيل ونقل التكنولوجيا وتدريب الأمم على التكيف على الأوضاع الحديثة بطرق علمية صحيحة بعيدة عن العنف والصراع الدموي.0
rohileghrb@yahoo.com
(العرب اليوم)