العداء الإسرائيلي للأردن لا يحتاج لإثبات، وما نقرأه في الصحف الإسرائيلية وما صدر عن مراكز الثنك تانك الإسرائيلية على مدار السنتين الماضيتين يعزز قناعاتنا فيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين الأردن وإسرائيل. فالسياسة الإسرائيلية ستدفع للاصطدام مع الأردن الذي يرى بأن حل الدولتين يصب في مصلحته الإستراتيجية. وعلى الأرجح أن لا يكون هناك حل للدولتين كما يريده الأردن وستتقلص مساحة البقعة الجغرافية المتبقية لإقامة دويلة فلسطينية وسيطلب من الأردن في مرحلة لاحقة أن يلعب دورا ربما سيكون على حسابه وهو أمر يؤكد رفضه علنا وفي أكثر من مناسبة.
رفض الأردن لأي حل يكون على حسابه معروف للإسرائيليين، ورفض الأردن لطلب نتنياهو لزيارة عمان دفع المتطرفين في حكومة نتنياهو استهداف الأردن عبر تصريحات أو تسريبات للصحافة الإسرائيلية للتشكيك بمستقبل الأردن. فهناك رؤى استراتيجية متضادة ومصيرها الاصطدام إلا إن حدث تغير كبير في المنطقة.
على أن التحدي لا ينحصر فقط بموقف إسرائيل وإنما بضعف السلطة الفلسطينية وعجزها عن تحقيق أي انجاز يطمئن الشارع العربي، ولا نبالغ عندما نقول أن الوضع البائس لهذه السلطة سيدفعها للتضحية بمصالح الأردن في سياق حل جدي مع إسرائيل وهو أمر كشفت عنه وثائق سربت من مكتب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قبل عام تقريبا، وربما ينبغي على الاردن اعادة النظر في علاقته مع حماس التي يبدو بأنها مستعدة للتفاهم مع الأردن بما يخدم مصلحة الشعبين الأردني والفلسطيني.
اللافت أن الأردن الذي يعبر عن قلقه من السياسات الإسرائيلية لا يتردد في مواجهة الموقف الإسرائيلي اعلاميا، فالملك منح صحيفة الواشنطن بوست مقابلة بيّن فيها أن مكمن الخلل في المنطقة هو الاحتلال الإسرائيلي وتعنت نتنياهو، وبتصريحاته هذه ربما أراد الملك أن لا تبقى الرواية الإسرائيلية في واشنطن من دون تحدٍّ، وهو أمر اهمله العرب لفترة طويلة في حياتهم وفي علاقاتهم مع واشنطن.
في تصديه لكل هذا يظهر الملك ذات الشجاعة المعروفة عنه في التعامل مع الإسرائيليين الذين يعتقدون أن ثمة فرصة تلوح لتقويض الوضع الداخلي على اعتبار أن الاردن بلد اتوقراطي، والواقع أن الاردن ليس كذلك بالرغم من عدم رضانا التام عن عجلة الاصلاح التي يجب أن تسير بخطى أسرع لتكون ضمانة لثبات هذا البلد وبخاصة إن تطورت الأمور في بلدان مجاورة بشكل يسمح لقوى سياسية داخلية التفاهم مع الولايات المتحدة لتمرير صيغ «ديمقراطية» تحقق ما عجز عن تحقيقه الإسرائيليون.
hbarari@gmail.com
الرأي