يروي الكاتب الصحفي المصري المعروف عبد الستار الطويلة: أنه كتب مقالاً في مجلة (روز اليوسف) الأسبوعية بعد عدة أشهر من انطلاقة ثورة يوليو 1952 يهاجم فيه السيدة أم كلثوم واصفاً من يستمع إليها بأنهم جماعة من الحشاشين و صفات أخرى سيئة ..
و في اليوم الذي نُشر فيه المقال هاتفه شخص قال له عامل الهاتف: أنه مواطن عادي يريد أن يتحدث معك فقط .. فقال أعطني أياه .. و بعد التحية و السلام قال له هذا المواطن : لماذا تهاجم أم كلثوم و تقول في مقالك إن من يستمع إليها إنهم حشاشون و أنا استمع إليها يومياً و الى ما شاء الله فهل تعرف من أنا ..؟ فرد عليه عبد الستار الطويلة : (تبقى إنت حشاش) فرد عليه المواطن : أنا جمال عبد الناصر ..!!
و في جبل عمان في الثمانينات كنت أواظب اسبوعياً و كل يوم ثلاثاء على زيارة استاذنا المرحوم عصام حمّاد (أبو مهدي) القومي و اليساري حتى النخاع و الكاتب والإذاعي المعروف و زوجته المرحومة فاطمة البديري الإذاعية المعروفة في الدار الأردنية للنشر التي يملكها أبو مهدي و يطول اللقاء و على مدار أكثر من ساعتين كنا نستمع معاً لموسيقى و صوت هامس لأكثر من أغنية للسيدة أم كلثوم و لم يوقف صوتها العذب الرخيم لحظة الحديث عن (أيام فاتت) و هو يعمل مع أم مهدي في إذاعة القدس قبل 1948 بينما كنا نحتسي معاً قهوة زوجته اللذيذة الطيبة.
و بعد هزيمة العراق و حصاره بعد حرب 91 من القرن الماضي .. فوجئت و أنا أهاتف نقابة الأطباء لأمر ما يهمني كصحفي .. بصوت فيروز و أغنيتها (سلملي عليه..) ينطلق قبل أن يرد عليّ عامل الهاتف ... و فهمت فيما بعد أنه قرار للدكتور سمير سماوي و كان كما اذكر أمين السر و عضو المجلس في نقابة الأطباء حينذاك و هو طبيب نفسي معروف و شخصية يسارية قومية و من مؤسسي نادي خريجي الجامعة الأردنية .. فعاتبته عتاب الأخ لأخيه قائلاً له : (هذا وقته يا دكتور سمير ..؟) ابتسم و قال : (معك حق) .. و في اليوم التالي أوقفت هذه الأغنية على هاتف النقابة و لا اذكر ما وُضع بديلاً عنها.. لكنني بعد أيام و بعد أن استمعت الى هذه الأغنية في منزلي على مهل عُدت فهاتفت الدكتور سمير و ناشدته بأن يعيد هذه الأغنية بالذات و بعد يوم أو يومين عاد صوت فيروز المخملي يصدح على هاتف نقابة الأطباء (سلملي عليه .. سلم ..!)