قال محدثي : عملت منذ سنوات بعيدة في مؤسسة حكومية ذات تخصص علمي هام ، وقد عمدت إدارة المؤسسة في ذلك الحين إلى دعوة الحاج مازن القبج – رحمه الله وجميع الأموات – لتصوير مشاهد حقيقية لزيارة مفترضة له ولأسرة برنامج اسمه المضافة ، ليتم عرض المشاهد صامتة أثناء حديث الحاج مازن لزوار مضافته التلفزيونية عن مشاهداته في الزيارة ، وكان الهدف من تلك الحلقة تعريف المواطن بالدور الذي تقوم به المؤسسة آنذاك . ويتابع محدثي كلامه فيقول : أخذت أثناء التصوير أشرح للحاج مازن الدور الهام للمؤسسة ، وأشير إلى رسوم إيضاحية وبيانية علقت على لوحات المكتب ، وكان الحاج مازن ينصت باهتمام ودون أن يحرك ساكنا ، وإذا بصوت مخرج البرنامج يقول للحاج مازن : هز راسك يا حج إنك فهمان !! .
يتابع محدثي القول : مرت سنون طوال على تلك القصة ، ولا أزال أذكرها كلما رأيت شخصا ما يحدّث آخر يهز رأسه دلالة على فهمه وإدراكه لما يسمع . وتبين لي أن ما كل ما يقال يُفهم ، وأن هزة الرأس قد تكون واحدة من اثنتين ؛ إما أن المستمع يهز رأسه جهلا ، ولا يدرك حقيقة أو صحة ما يقال ، والثانية أن المستمع يهز رأسه أدبا ومجاملة ، إذ يعلم أن محدثه يتكلم بما لا يستحق السماع والإنصات له ، وأن هزة رأسه علامة الموافقة ليست إلا إظهارا لمتابعة كلام المتحدث .
يحسن بل يجب أن يكون المتحدث عالما تماما بما يتحدث عنه تحسبا لأي سؤال قد يوجه له ، كما يحسن به معرفة المستوى العلمي والثقافي للمستمع ، ليحسن اختيار الأسلوب ولغة الخطاب والمصطلحات ، كما أن على المستمع أن يكون حسن الاستماع والمتابعة ، وأن يطلب من محدثه تفسير ما غمض عليه من معلومات ، وبذلك يمكن تحقيق الغاية من الزيارة أو الإيجاز .
لا يفوتني القول : إن معظم شعوب الأرض - كما أظن - تكرر هز رؤوسها من أعلى إلى أسفل دلالة على الإيجاب أو الموافقة والفهم ، باستثناء الهنود الذين يهزون رؤوسهم يمينا ويسارا دلالة على ذلك ، وهو نقيض ما نقصده بمثل هذه الحركة ، وهذا أمر يربك من يتعامل معهم قبل أن يدرك هذا الأمر .
haniazizi@yahoo.com