الانتخابات النيابية المقبلة التي ستجري في الثلث الاخير من شهر تشرين الثاني المقبل ، لن تأتي بمجلس يختلف عن سابقه ، بداية علينا ان نتوقع مقاطعة الحركة الاسلامية لهذه الانتخابات ، فجميع المؤشرات تدل على قرار من هذا القبيل ، خصوصا ، ان للاسلاميين مخاوف عديدة ، قد تجعلهم يأخذون قرارا بالانسحاب المبكر ، او حتى ليلة الانتخابات لتسجيل موقف سياسي وانتخابي. اذا شارك الاسلاميون بالمقابل فان حصتهم في البرلمان قليلة ولن تتجاوز الاثني عشر مقعدا نيابيا في احسن الحالات ، وفي كل الاحوال ، فاننا سنجد انفسنا امام مجلس نيابي خدمي ، لا يمارس الرقابة بمعناها الحرفي الا من باب الضغط على الحكومات وازعاجها لتحسين نوعية ومستوى الخدمات التي يطلبها النائب لنفسه او ناخبيه او منطقته.
المجلس سيكون خدميا ، ايضا ، كون الناخبين ايضا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تولد مزيدا من الطلبات والتطلبات ، على صعيد الواسطات والتعيينات ، وسيتحول النواب الى "معقبي معاملات" ليس اكثر ، فما يريده الناخب اليوم ، ليس موقفا سياسيا ، بقدر تأمين طلباته التي لا تتوقف ، مما سيجعل مهمة التشريع ايضا ، تتأثر بتحول مجلس النواب الى مجلس خدمات اجتماعية ، فأين هو النائب ، الذي يستطيع ان يضحي بمصالح الناخبين واحتياجات دائرته الانتخابية ، ليمارس فقد مهمة الرقابة والتشريع ، بشكل فعلي وصحيح ، دون ان يدفع الثمن من جانب الحكومات ، وبالتالي يتم اضعافه امام دائرته الانتخابية.
كل ما سبق ، ومؤشرات اخرى تثبت ان مجلس النواب المقبل سيكون ابنا شرعيا لمجلس النواب الذي تم حله ، وللمجالس التي سبقته ، غير ان اللافت للانتباه ، ان المجالس النيابية ، تتناقص قيمتها السياسية والاجتماعية ، مجلسا بعد اخر ، حتى اننا في كل انتخابات نيابية ، نفقد الكثير من السمات ، والشخصيات النيابية التي تمنح العمل النيابي ، ميزة خاصة وقوة وسط السلطات الموازية لها والمقابلة لها.
ربما على الناس ، ان يختاروا جيدا خلال الانتخابات النيابية ، غير ان الناس ايضا اختلفوا ، والمجتمع بأكمله يتعرض لاعادة انتاج بفعل الظروف الاقتصادية والاجتماعية ، والظروف المحيطة بنا ، جعلت قاعدة الناخبين تتنازل ايضا عن شروطها واشتراطاتها الكبرى على المرشحين للنيابة ، والبحث فقط عمن يؤمن لهم مصالحهم الشخصية ، ويقدم لهم الرعاية والخدمات والحماية احيانا.
علينا ان لا ننتظر أي مفاجآت في مجلس النواب المقبل وتبقى دعوة مفتوحة للناس لاختيار شخصيات نيابية حقيقة فاعلة لا تتخلى عن مهمة الرقابة والتشريع ، في الوقت الذي لا تتخلى فيه عن المصالح الوطنية للناس قبل مصالح الناخبين والدوائر الانتخابية.