قبل زمن «الموبايلات»، والانترنت، و»التشات» ، و»السيديهات»..لم يكن هناك أية طريقة يعبّر فيها «الحبّيب» عن مشاعره «بطريقة صوتية» تجاه حبيبته الا من خلال اشرطة «الكاسيت»..لذا فقد كان «العاشق» يوكّل كبار المطربين ليبوحوا للحبيبه نيابة عنه بما يفكر ويشعر ، كما انه يحاول أن يوصل لها كل مفردة من مفردات الاغاني من «هجر..ونار البعاد..وطول الانتظار..والنسيان و السهر»..على لسان أشهر كتاب الكلمات في الوطن العربي..
جدير بالذكر ان عملية تبادل «الاشرطة»بين الحبّيبة..كانت تمر بمراحل عسرة وطويلة أشبه بعملية تبادل الاسرى ، مفاوضات ونقاط تسليم وسرية ، ومواعيد محددة قابلة للتأجيل وغير ذلك ، كما أنها لم تكن تتم الا بالمناسبات النادرة كأعياد ميلادهما مثلا..بالاضافة الى عيدي الفطر و الأضحى وأحياناً عيد الأم..وللتمويه كان فور استلام الحبّيب للشريط من ثقب «البلوكة» او بين «العشبات» يكتب عليه بخط «فولوماستر» عريض «درس تقوية في اللغة الانجليزية» ويضعه في درجه الخاص وذلك لكي لا يقربه أحد.
في الثمانينات، شاعت موضة جديدة في عالم «الكاسيت» الا وهي «الكاسيت التجميع».. حيث يحدد «الحبّيب» قائمة بأكثر الأغاني إيلاما وحزناً وتأثيرا على الطرف الآخر ويطلب من صاحب «الاستديو الخاص بالاشرطة» ان يقوم بتسجيل الاغاني على شريط واحد..وعادة ما يسأل صاحب الاستديو الشاب العاشق: واذا ظل فيه اشي فاضي؟..فيقول الأخير: حط اغاني على زوقك!!..وبالفعل بعد يوم او يومين يستلم الشاب الشريط جاهزاً ..الاغنية الاولى : سيبولي البي وارحلو لميادة حناوي .. الثانية بحلم فيك لعبد الحليم..الثالثة..اسمعوني لوردة..الرابعة معاك لهاني شاكر..وأخيراً بسبب قلة المساحة الباقية من الوجه الأول والتي لا تتسع لأغنية طويلة وضع صاحب الاستديو «اغنية هندية على ذوقه»..على الوجه الثاني : عقبالك عيد ميلاد لعبد الحليم حافظ..يا العزيز كاظم الساهر..شادية قولوا لعين الشمس..وبسبب قلة المساحة الباقية من الوجه الثاني والتي لا تتسع لأغنية طويلة ، يقوم صاحب الاستديو بحشو مقطع «مجوز من عرس ابن تركية» في نهاية الشريط...فيخرب مزاج الشريط كلّه.
اذا كما تلاحظون اختيارات الحبّيب كانت مدروسة وموفقة «لكن فراغات الشريط» هي التي جمعت الطرب «الاصيل» بالهندي والمجوز.
***
تشكيل الحكومات في بلدنا تأتي على نفس طريقة تجميع «الكاسيت» ..هناك اسماء مدروسة حسب اختيار وذوق «الرئيس» وهناك اسماء على ذوق صاحب الاستديو لتكملة فراغ التشكيل لا اكثر..
باختصار شي بعبّي الراس وشي بوجع الراس.
ahmedalzoubi@hotmail.com
(الرأي)