ورحلت حكومة دولة الدكتور معروف البخيت ...وأخاله تنفس الصعداء بعد المعاناة الكبيرة التي واجهتها حكومته ويعتبر فترة توليه المسؤولية بمثابة حلم طويل من الاحلام المزعجة .. يغرك عينيه بين الفترة والاخرى ليتأكد انه في يقظة ... ويأخذ نفسا عميقا من سيجارته المحببة ... وكم اشفقت عليه وادركت مدى طهره الوطني عندما كشفت الارقام ان كل ما يملك من ثروة بعد هذه الخدمة الطويلة العريضة لا يتعدى اكثر من 13 ألف دينار أردني وقطع اراض ورثها عن والده ...
استطيع ان اقول بمنتهى الدقة ان اكثر من 200 صحفي من اعضاء الهيئة العامة ممن لا يملكون خبرة الدكتور البخيت ولا مدة خدمته يملكون اضعاف اضعاف بل واضاف ما يملك ... وهذا الدليل لوحده كاف لتأكيد نظافته بالرغم من مخالفتي الشخصية للعديد من قراراته .
ليس ... من كل قلبي ... اشفق على دولة الدكتور البخيت وارفع قبعتي للعديد من الوزراء الصناديد من اعضاء حكومته الذين كانوا يخالفونه الرأي ويبدون له النصيحة الخالصة ويبتعدون عن النفاق الشخصي والسياسي وهم قلة .
المهم ... بين ايدينا على ارض الواقع حكومة جديدة برئاسة القاضي الدولي عون خصاونة اعانه رب العزة وفريقه الوزاري في مهامهم الخرافية .
لقد ابدى كل من سمعت ورأيت اندهاشهم من تشكيلة الحكومة الاردنية الجديدة .. كان مبعث شعورهم ذاك ان السواد الاعظم لاعضاء الحكومة هم " ممن جرب " وزعموا ان " المجرب لا يجرب " ... ولاحظوا ان عددا من الحقائب جاءت استرضائية فما تم رفضه للحقيبة رشح آخر بديلا عنه ربما يمثله وحدث هذا في اكثر من موقع ... وربما ان مبدأ " الجغرافيا " المتبع في تشكيلة الحكومات ببلدنا حد من حرية دولة الرئيس من اختيار اعضاء حكومته ... وهذا المبدأ حتما له سلبياته المرة المؤلمة ولا بد ان يعاد فيه النظر لان مصلحة الوطن فوق كل اعتبار !!
ولا أخفي على دولتكم ان شريحة واسعة من المواطنين استبشرت خيرا بالاستراتيجية السياسية القادمة لحكومتكم بعد اختياركم الاستاذ راكان المجالي وزير دولة لشؤون الاعلام والاتصال وهو مؤشر لانفتاح على حركة حماس الذي يبهج المواطن الاردني اولا والعربي ثانيا من حد الماء الى حد الماء ... فلا يخفى على دولتكم ان حماس ضمير الامة وأملها الوضاء ...
ويتمنى الناس يا دولة الرئيس أن تستطيع الحكومة بتشكيلتها الجديدة من تحمل الاعباء والتحديات الكبيرة التي يواجهها الوطن وتنوء عن حملها الجبال ؟
لا ينكر الا الجاحد ان من اعضاء الحكومة " المجربين " سابقا قدرات كبيرة وكفاءات علمية مميزة تظلم في حصرها وتحديدها بوزارة وفي مقدمة هؤلاء العلامة الدكتور عيد دحيات والعالم الاندلسي الدكتور صلاح جرار والمهندس باسم الروسان والدكتور ابراهيم الجازي .
وهناك وزراء في الحكومة السابقة خسرتهم التشكيلة الجديدة بمعنى الكلمة ومن ابرزهم الدكتور هاني الملقي بخبراته الواسعة وحنكته السياسية المعهودة ..
والدكتور محمود الكفاوين الذي مثل انموذجا استثنائيا من الوزراء الاكثر كفاءة ونظافة وصراحة ومقدرة على الحوار والحرص على اموال الدولة ...
وفي الوقت نفسه هناك تحفظات شعبية واسعة على العديد من اعضاء الحكومة ... وهواجس لاصرار دولة الرئيس على اختيار عسكري صلب لوزارة الداخلية فرفض المرشح الاول وقبل الثاني والمخاوف من عدم الانحياز الى الحوار الهاديء السلس مع المعارضة ... كما ان هناك تخوفات من توجهات الاقتراب من قوت الشعب ومصدر طاقته ... فهذا الامر وحده سيفتح ابواب جهنم على مصراعيه لا قدر الله .
ويتساءل المواطنون كيف سيعالج دولة الرئيس الخلل المستفحل في الوزرارات والمؤسسات والدوائر الحكومية سواء من حيث التقصير في اداء خدماتها ومهامها وكذلك حالات افراغها من الكفاءات المميزة مما ادى الى انهيار بعضها على المستوى الخدماتي والمهني جراء عدم كفاءة القيادات او لمزاجيتها المطلقة او بسبب الانظمة والتشريعات البائدة التي تحكمها وتسير امورها ... ويمكن الحديث عن تفاصيل التفاصيل بهذا الشأن مستقبلا .
والمعارضة هنا يا دولة الرئيس ليست هي التي تتمكن من اخراج بعض مئات الى الشوارع ونجحت في المرة الاخيرة باخراج نحو ثلاثة الاف مواطن ... كلا وألف كلا ... المعارضة الحقيقية هم السواد الاعظم من الاغلبية الصامتة الذين يرزحون في متاهات الفقر والعوز والبطالة والجوع ... فالخوف من تلك الاغلبية المعارضة الصامتة لان الجوع كافر وحين يثور لا يرده احد .
نعترف ان ايدينا جميعا على قلوبنا ... فقد وصل الوطن الى حافة الهاوية .. وهذا ما لا يقبله كل الذين ينتمون الى ثرى الوطن ويفدونه بالمهج والارواح .
ونشفق على الحكومة ورئيسها فالرتق قد اتسع ... ولم يعد مكان للرقع ... ولا بد من بناء جديد يعيد الامل للصابرين والكاظمين الغيظ .
وبمنتهى الصراحة ... فان حكومتكم يا دولة الرئيس هي حكومة الفرصة الاخيرة فنسأل الله لكم الرشاد والسداد .