لا أشعر بأي إغراء لتقديم أي رأي للرئيس الجديد لسبب بسيط للغاية وهو الغثيان الذي بات يلمّ بي من التواجد مرّة تلو المرّة في الموقف نفسه بلا معنى.
لا أشعر بأي حماس إطلاقا لتغيير الحكومات. فهي في الجوهر لعبة تدوير كراسي تعني على وجه الخصوص عرّابيها واللاهثين وراءها، بينما نحن نريد تغييرا حقيقيا في طريقة إدارة الحكم، ولقد بدأنا نضيق ذرعا بالفعل، واللعبة لم تعد مسلية على الاطلاق، والناس تدفع ثمنا باهظا من ثقتها ورضاها وسعادتها ومستوى معيشتها، ويفترض ان تكون هذه الحكومة مكلفة بالتغيير الحقيقي ( لنضع تحت حقيقي دزينة خطوط مثلا) لكن هذا حرفيا ما كانت مكلفة به الحكومة التي سبقت والتي سبقت أليس كذلك؟! هل يدرك الرئيس الجديد الموقف؟!
أنا أعرف عن د. عون الخصاونة ما يعرفه جميع الأردنيين، أنه قاض دولي رفيع العلم والشأن استحق موقعا شرّف به بلده، أمّا قيادة الحكومة والمشروع الإصلاحي فلا استطيع ان أخمّن بشأنهما شيئا، وقد كنت في الخارج حين التقت به كتلتنا ( التجمع الديمقراطي النيابية) لكن حسب ما نقل لي فليس هناك شيء مؤثر على وجه الخصوص تمّ الخروج به من اللقاء.
كنت سأقترح لو ان الرئيس قلب آلية العمل ودخل في استطلاع حقيقي مع الكتل النيابية حول التشكيل!! أقصد ما المانع لو كان استعرض مع الكتل النيابية في اجتماعات مغلقة رزمة اسماء محتملة لكل موقع فحصل على انطباعات وربما ايضا على اقتراحات بدل الأسلوب التقليدي الذي يكون فيه النواب مثل بقية أوساط الرأي العام ينتظرون الدخنة البيضاء من الصومعة حيث يتمّ التداول على أضيق نطاق، وحيث تلعب "الشللية" بالضرورة دورا حاسما، فيقع الرئيس فيما وقع فيه اسلافه من خيارات غير موفقة انتهت بعد اسابيع فقط الى التفكير في التعديل الوزاري، بل كنت فوق ذلك سأقترح لو ان الرئيس راجع أسلاقه واستشارهم فيمن كان معهم، فربما هناك اسماء من الخسارة التضحية بها وأثبتت التجربة أنها ممتازة وتستحق الاحتفاظ بها.
هذا بالنسبة للتشكيل وهو بالضرورة ليس معزولا عن البرنامج في نظام مثل نظامنا الراهن لا تمثل فيه الحكومات حزبا او ائتلافا برامجيا بل تمثل افرادا يعتمد على شخوصهم وتجربتهم وخلفيتهم الثقافية والفكرية كل شيء، وأنا لا املك اي فكرة ابدا عن تفكير الرئيس المكلف تجاه الملفات الرئيسة للاصلاح، ابتداء بملف البلديات الذي دفعنا فيه ثمنا باهظا بسبب الخيارات غير المتبصرة، الخيارات التي استهترت بالمشروع الاصلاحي الذي قدمناه فحصدت الانتفاضة الاستقلالية لكل بلدة وقرية.
أنا في العادة لست محبطا ( بكسر الباء) ولست محبطا (بفتح الباء)، لكن على ما نرى فالرئيس لم يخرج عن الإطار التقليدي في ادارة عملية التشكيل، فهل نأمل أن يدير برنامجا ثوريا للتغيير؟! سنناقش هذا في الايام المقبلة!
(الغد)