عندما أطلق التحالف الغربي عملية "حرية العراق" لم يكن يخطر في بال أحد أن نرى رؤوسا لزعماء اخرين أينعت وحان قطافها, اولئك الزعماء كانوا بين متفرج وداعم للعملية الغربية التي اسقطت صدام حسين ونظامه الذي سيشهد التاريخ له بانه كان عادلا في توزيع ظلمه على الجميع وربما يكفي عدله في ذلك .
حين دخلو بغداد وحدهم أزلام النظام الجديد من وصفو ما حصل بثورة التحرير التي جائت بهم على ظهور الدبابات الامريكية وبشكل مباشر , هذا الشكل لم يعد مناسبا للغرب بعد تلك التجربة التي أجمع العالم على تسميتها احتلالا تمثل بوضع العراق تحت الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة .
اذا فالشكل الجديد هي ثورات الشعوب دون دبابات امريكية وجنود على الارض قدر المستطاع طبعا ولنبدأ بالنظام الاكثر بوليسية في المنطقة والذي أذاق شعبه الامرين من خلال حكمه الطويل والجائر وغير الدستوري ثم نظام الدولة الاكبر عربيا والذي دعم الثورة الاولى " العراقية " وحاصر ابناء غزة بنفس الطريقة التي حاصرت فيها اسرائيل ابناء الضفة الغربية عندما اقامت جدار الفصل العنصري والاهم من ذلك ان هذا النظام حاول تدمير بنية ابنائه خاصة التعليمية والثقافية وحولهم الى جباة ينتشرون في الارض من اجل العودة بأموالهم له اذا فليسقط هذا النظام المترهل والمكشوف لعل الغرب ياتي بنظام متخف بطريقة افضل لا ينتبه لها الشعب كما هو حاصل هذه الايام من اختلاف عليه بين مؤيد ومعارض .
النظام الجار لتلك الدولتين هو الاغنى والاعند وربما الاكثر عنفا وهمجية والاقل مؤسسية في ادارة الدولة ما أجبر الغرب مرة أخرى على التدخل المباشر وبحجة حماية المدنيين التي بدأت ولم تنتهي حتى الان وبالطبع فان الدولة الاكثر غناُ هي من تعرضت للتدمير الاكبر ما سيفتح على الشركات الغربية ابواب البناء من جديد
في غضون هذه الثورات وتلاحقها بدأت ثورة في اقصى الشرق بنفس أدوات الثورة الاولى " العراقية " لكن قرار التأجيل كان الفيصل فيها على مبدأ الاولويات لان الداعم الرئيس هنا ليس غربيا وانما شرقيا يجب قصقصة اجنجته التي وصلت للبحر الابيض المتوسط عبر حلفائه السياسين والايدولوجيين
في الجنوب أُوقدت النار ولا يسمح لها بالانطفاء والنظام فقط يطلب الان الخروج بسلام وبضمانات لكن هيهات فان لم يُقتل رأسه فلن تنفلت الامور في بلد هو الاكثر قبلية والاكثر تمسكا بثقافة الثأر وها هو مجلس الامن الدولي يرفض اعطاء الضمانات ويضيق الخناق عليه حتى يستسلم لقاتليه
الان لا بد من التسمية فالجار السوري هو الاقوى في المنطقة وهو الصيد الكبير لهذه الثورات وسقوطه يعني كسرًا للجنحان التي تمتد من الشرق وهاهو الجناح المرتبط سياسيامع سورية يغازل الغرب ويحاول التقرب من دول الاعتدال العربي والجناح الثاني ربط مصيره السياسي والايدولوجي بالنظام السوري بأوامر ايرانية تريد فقط الحفاظ على نفوذها في المنطقة من أجل نيل أكبر قطعة ممكنة من كعكة التقسيم القادم
في كل هذه الثورات برزت مفارقات غريبة اهمها كانت التحالف الواضح بين الاخوان المسلمين تحديدا وبين ما يطلق عليهم بالليبراليين الجدد ولاحظو جيدا فان ذلك ينطبق على كل الدول ابتداء من العراق مهد الثورات العربية حين تحالف الحزب الاسلامي في العراق " الاخوان " مع الغرب ومع ايران
وبانسحاب ذلك على كل الدول فليس من المستغرب ان تفوز احدى كوادر الاخوان في اليمن بجائزة نوبل للسلام !!!
للنيل مما يحصل من تقسيم وتغيير في ملامح المنطقة ولكي لا نستسلم فلا سبيل لدينا الا الاصلاح والاصلاح فقط بكل نواحيه السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية لان ذلك فقط سينتج الشراكة بين الحاكم والمحكوم وهو فقط من سيحافظ على السلم الاهلي الذي هو أهم من لقمة الخبز في بعض الاحيان.