رسالة شعبية الى المعارضة .. دعونا نلتقي على كلمة سواء لمصحلة الوطن
يوسف ابو الشيح الزعبي
23-10-2011 04:25 AM
منذ بداية العام الجاري وحتى الآن ما زال حراك المعارضة التي تقودها الحركة الاسلامية متفاعلاً في الشارع وتفرض شروطاً على الدولة للانخراط في العملية السياسية برمتها من خلال المشاركة في الحكومة او في الانتخابات البلدية والنيابية المنتظرة .
المتتبع لمطالب وشروط حزب جبهة العمل الاسلامي سيجد جُلها سياسية وذات سقف مرتفع ترتكز على تعديل القوانين لتشكيل الحكومات النيابية والملكية الدستورية، وهو الرابح الاكبر كونه الحزب الأقوى ان لم يكن الأوحد من حيث الفعالية والحضور على الساحة الاردنية، وقالها بصراحه يوم الاربعاء الماضي أمين عام الحزب حمزة منصور في برنامج حواري على التلفزيون الاردني الرسمي ان التعديلات الدستورية التي أجريت مؤخراً ربما لو كانت قبل الـ 8 أو الـ 9 شهور الماضية "ويقصد قبل الحراك الاردني المنبثق عن الربيع العربي" لكانت مقبولة أما الآن فهي غير كافية على حد تعبيره، هذا يعني أن تسونامي وظروف المنطقة غير المستقرة تعطي فرصة للمعارضة والحركة الاسلامية على وجه التحديد لترفع من سقف شروطها بما يلائم مصلحتها .
يسود الاعتقاد ان المعارضة الاسلامية على محدوديتها تتصدر الآن المشهد السياسي المحلي المنظم وقد ساعدها كثيراً ما يجري في الداخل من حركات شعبية وفي المنطقة العربية من حركات ثورية، ربما وجدت المعارضة الاسلامية ضالتها وقوتها في ذلك، لكن يبقى الخوف عليها وعلى الوطن بأن يؤدي بهم هذا الاعتقاد الى استمرار تصلب مواقفهم بهدف تحقيق كافة شروطهم .
المعارضة الاسلامية تصر على البقاء خارج التنفيذ وترفض الى الآن المشاركة في العملية السياسية، وهذا خطأ استراتيجي ترتكبه المعارضة، فالمأمول منها شعبياً ان لا تبقى متشبثة بأعلى الموجة تحاول دوماً أن تغيّر من إتجاهها وليس إتجاههم، ولم يبقى للمعارضة وهي:(المدللة) أية حجة في نظر الشعب بعدم مشاركتها في الانتخابات في ظل هذه الظروف المحيطة، وغير مقبول من اياً كان لغة الاستقواء على الوطن وهيبته سيما ممن يقطعون الطرق ويعتدون على ممتلكات الدولة ورجالها الامنيين، فمن أراد التغيير والاصلاح وفي مقدمته محاربة الفساد عليه الانتقال الى حيز التنفيذ وقطف ثمار التعديلات والإصلاحات السياسية والاقتصادية.
ان المعارضة شأن طبيعي تستمد وجودها وقوتها من هذه الكلمة، على عكس الارادة الشعبية التي من المفترض ان تكون في وضعها الطبيعي الايجابي، لذلك على المسؤول أن يقلق أكثر اذا كان "النبض العام للمواطنين" يعبر عن عدم الرضى وارتفاع في نسق المطالب والاحتجاجات ، الأمر الذي أخذ عملياً يزداد في الآونة الأخيرة مع تزايد القوى الشعبية العمّالية واللجان والحركات وجبهات الانقاذ المنبثقة عن العشائر والاغلبية الصامتة، هذا النوع من المعارضة لا تحكمها أسس وضوابط حزبية وعمل سياسي منظم لكنها خطيرة كونها تتصاعد فجأة الى حد فقدان القدرة على السيطرة عليها، وهي آنية قد تهدأ مباشرة بعد تلبية مطالبها وهمومها وأغلبها معيشية إقتصادية.
في الواقع ان الاغلبية الصامتة في الاردن ومعضمها غير معارضة بالشكل الذي تطرقنا له، هي التي يجب على الحكومة معرفة مطالبها وحاجاتها الفعلية وهل أوضاعها مستقرة ام هناك شيء يقلقها ، وحتماً ستجد مطالب الأغلبية الصامتة تتجه لمكافحة الفساد المالي والاداري وإعادة المشاريع والاراضي والممتلكات التي تم خصخصتها بطرق غير شفافة وواضحة الى الخزينة العامة، ستجد الحكومة أن الأغلبية تريد عدالة مناطقية وإجتماعية ووظيفية ومناصبية وفي توزيع الخدمات داخل العاصمة نفسها وبين المحافطات كافة، تطالب بمستوى معيشية أفضل، تريد أن تتطمأن على مستقبل الوطن وأبنائها في ظل ارتفاع المديونية الخارجية التي تجاوزت الـ 16 مليار دولار وعجز الموازنة الذي تجاوز الـ 3 مليار دولار.
هناك رضى من قبل الاغلبية الشعبية بالاصلاح السياسي والتعديلات الجارية وهو ما تشير له الاستطلاعات ولغة الارقام وقد عبرت الاغلبية عن عدم رضاها للبطؤ الجاري في دخول مرحلة المشاركة السياسية والتنفيذ للقوانين والتعديلات التي أقرت، فيكفي ان نشير ان نسبة عدد المسجلين لخوض الانتخابات البلدية في مختلف انحاء المملكة مرتفعة جداً، فحتى مساء الخميس الماضي كان عدد المسجلين مليون و852 الف مواطن ويتوقع ان يتجاوز العدد قبل انتهاء الموعد المقرر في 25 من الشهر الجاري اكثر من 85% من المواطنين، وهذا لا يعني ان الجانب السياسي غير مهم شعبياً، لكن في ظل ما جرى من تعديلات على قوانين الحريات العامة والتعديلات الدستورية والعمل جاري لتعديل قوانين الانتخابات النيابية والاحزاب بشكل ملبي وتوافقي مع مطالب المعارضة التقليدية وغير التقليدية، فإن القوى الشعبية تطالب الحكومة بالانتقال الى الحيز العملي وان تكون عينها على دفع عجلة التقدم الاقتصادي في الاردن وعدم تأجيل الانتخابات إرضاءاً لهذه القوة أو تلك.
انه من غير المناسب ان يُعرض على الحركة الاسلامية المشاركة في الحكومة من أجل دمجهم بالحياة السياسية والتخلص من الآثار السلبية التي تجري في الشارع، ومن غير المقبول أيضاً من قبل الحركة والمعارضة ان تدخل الحكومة الحالية بمنطق الاستقواء والاستفادة من مغانم الربيع الاردني المرتبط بربيع غيرها في الداخل والخارج، ونحن نعيش حالة مختلفة تماماً عمّا يجري وجرى في هذه البلدان، وحورانا وإصلاحنا السياسي والاقتصادي حقيقي وصادق يرعاه سيد البلاد، فالأجدر بالمعارضة الاردنية ان تتجه الى صناديق الاقتراع والأطر الرسمية المشروعة في ظل القوانين الجديدة ولجان الانتخابات المستقلة والمحايدة وبعدها فالتغتنم ما هو مشروع من المناصب والمجالس البلدية والمقاعد الحكومية أو حتى يشكلوا الحكومة النيابية ضمن النهج الذي ينادوا به ولن تمانعهم الارادة الرسمية وحتى الشعبية اذا شاركوا بفعالية بالانتخابات النيابية المقبلة وحصلوا على عدد من مقاعد النواب يؤهلهم لذلك .
يجب أن تكون رسالة الدولة للجميع بأن القطار سائر نحو بر الامان ومن لا يحترم القرارات العليا المعبرة عن الارادة الرسمية والشعبية ويبقى يعمل على تعطيل المسيره سيفوته قطار الاصلاح والتنمية والتقدم "لا قطار الرئيس صالح بلا عنوان" وسيصبح من الماضي جسماً غريباً تخلى عن الوطن في أحنك الظروف.
yousefaboalsheeh@hotmail.com