تمر بنا السنون بسرعة وتتعاقب مراحل الحياة.. وفي لحظة ما يجد الانسان نفسه وهو ثقيل الخطوات شبه وحيد.. فقطار العمر يمر بمحطات ومراحل.. فمن مرحلة الطفولة إلى البلوغ والشباب إلى الرجولة وصولاً إلى الشيخوخة.. تتعدد الأدوار الإنسانية والوظيفية في حياتنا.. لكن يبقى لكل مرحلة خصائصها ومشاكلها!.
عندما يصل قطار العمر إلى مرحلة الشيخوخة تثقل خطوات الإنسان على الأرض، ويشعر بأنه قد أدى رسالته في الحياة، وأنه قد آن أوان الإستراحة بعد رحلة العطاء الطويلة.. لكنه ما يلبث أن يشعر ببعض الأعراض المرضية الجسدية والنفسية، كما ويطارده شبح الفراغ والشعور المؤلم بإنتفاء القيمة، وبأنه قد أصبح طاقة معطلة أو عالة على أهله.. فقد ذهب الشباب والصحة بالنسبة له، وضعف الجسد والبصر.. لكن الأمر الأكثر صعوبة يكون عندما ينشغل عنه الأهل والأحبة بحياتهم الخاصة.. فيبقى وحده يعاني العزلة والآلام.
إن الكثير من المسنين لدينا يعانون من مشكلة الفراغ، فلا عمل ولا هواية ولا اهتمام لديهم، لذلك يجب ملء فراغهم بشيء مفيد وصحي.. كما أنه من الضرورة إيجاد مؤسسات خدمية وترويحية خاصة بهم تعتني بإهتماماتهم كالأندية الرياضية المجهزة خصيصاً لكبار السن؛ إضافة إلى وجود المكتبات والحدائق العامة للترويح عنهم.
قضية رعاية المسن تعتبر مسؤولية مهمة وكبيرة، كونه لا يوجد أسرة في مجتمعنا تخلو من أب أو أم أو أخ مسن.. ومن هنا تأتي أهمية توعية أفراد الأسرة جميعهم بكيفية التعامل مع كبار السن بكل محبة وهدوء، ومحاولة الابتعاد عن إثارة حساسيتهم المفرطة والمبررة بنفس الوقت.
من الضروري لنا كمجتمع أن نُشعر المسن بأهميته لنا، وذلك عن طريق زيادة الدافع لديه فذلك يعطيه القوة والأمان... فيمكنه مثلاً أن يشارك في وضع الخطط التي تحتاج إلى خبرات كثيرة، وتنسيق العمل وإبداء الرأي والمشورة في الطروحات التي تخص عائلته ومجتمعه، بحيث يتم العمل والتعامل معه بكل احترام.. غير متناسين أبداً إشعاره بأنه شخص مهم ورئيسي في حياتنا.
المسنون هم كنزنا المعرفي الذي نثق به، ومن خلالهم يتم نقل كل المعلومات والعادات والتقاليد التراثية الخاصة بمجتمعنا لفئة الشباب... لذلك تمثل الروابط الأسرية الوثيقة ونمط الحياة المنظم الخالي من الضغوط الدور الأكبر في مساعدة الكثير من المسنين في تخطي العديد من الصعوبات الحياتية التي تواجهم.
كل فرد منا يتمنى أن يطول عمره.. لكن الشيخوخة الناجحة تعتمد كثيراً على الاحتفاظ بقدرٍ مناسبٍ من التكيف في أداء الأدوار الاجتماعية والعوامل النفسية التي تساهم بشكل ملحوظ في إطالة العمر..!
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)