التغييرات في الحكومة والمخابرات .. هل هي خطوة انقاذ وطني؟
محمد حسن التل
20-10-2011 03:31 AM
لا شك أننا في الأردن، دخلنا مرحلة جديدة على طريق الإصلاح، عنوانها الرئيس، الحوار المطلق بين الجميع، وقد جاءت التغييرات الأخيرة، سواء على مستوى الحكومة، أو على مستوى جهاز المخابرات، عنواناً بارزاً لهذه المرحلة، التي أُطرت بالتفاؤل الكبير، على كافة المستويات الوطنية، أملاً بالخروج من حالة الانسداد، التي ضربت حياتنا السياسية في المرحلة الأخيرة، نتيجة عدم الثقة، التي سادت بين مختلف أطراف المعادلة، وبدأ الاحتكام إلى الشارع، يخرج في بعض جوانبه عن المعقول.
وللإنصاف، فقد أبدت الدولة في المرحلة الماضية، حالة كبيرة من التسامح واتساع الصدر، لكل ما حدث في الشارع، في بعض جوانبه، من فوضى وصلت أحياناً، حد التطاول على الرموز الوطنية، والتي استفزت الأردنيين في كافة مواقعهم، وكان التعامل مع هذا الوضع الغريب، نموذجا في التحضر، الذي تميزت به الدولة الأردنية، عبر العقود الطويلة.
لقد جاء الاختيار الملكي للسيد عون خصاونة، ليكون على رأس السلطة التنفيذية، عبقرية ملكية، فالرجل كما هو معروف، يمثل قيمة وطنية، في الاستقامة ونظافة السجل، إضافة إلى مسيرة عملية ناجحة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، وصاحب خبرات واسعة، في التعامل مع مختلف القضايا، بحيادية تامة، عنوانها صدارة القانون وانفتاح تام على الجميع. وهذا سيعطي دفعة قوية للمرحلة القادمة، التي ستكون مرحلة التشريعات، التي ستحدد معالم خريطة الطريق، لمستقبل الأردنيين، الذي يمثل قاعدة اهتمام مؤسسة العرش.
كما جاء التغيير في دائرة المخابرات، الجهاز المهم في منظومة الدولة، ليؤكد أن المرحلة القادمة، مرحلة تشارُك كاملة، لمؤسسات الدولة، للوصول إلى الهدف المنشود، وهو تجنيب الأردن وهج النار المشتعلة من حولنا في الإقليم، وحماية المكتسبات الوطنية المتراكمة، والذين يعرفون اللواء فيصل الشوبكي عن قرب يدركون مدى تمتعه بعقلية استراتيجية واسعة الأفق في العمل الاستخباراتي، كما أن للرجل خبرة واسعة في التعامل مع مختلف القضايا العامة نتيجة عمله الاستخباراتي والسياسي المتراكم عبر عقود طويلة. وهنا تكمن عبقرية التغييرات، كما أسلفت، وهذا لا يعني قطعاً، أن رجال المرحلة السابقة، قد فشلوا في إدارة الأمور، بل عملوا واجتهدوا ما استطاعوا لذلك سبيلا، ولكن الظروف كانت غاية في الصعوبة والتعقيد، الأمر الذي جعل صاحب القرار، يبادر إلى نزع فتيل الأزمة، والنظر إلى المستقبل، بما يحمي مسيرة الوطن الإصلاحية، التي جاءت بالأصل، حماية للأجيال.
علينا جميعاً في كافة مواقعنا، أن نكون صفاً واحداً، في هذه المرحلة الدقيقة، التي يمر بها الأردن والمنطقة العربية بكاملها، بأن ندعم التوجهات الملكية، التي جاءت، كعملية إنقاذ وطني متقدمة، لتجاوز الظروف، التي ألقت بظلالها، على مختلف جوانب حياتنا.
لقد جاء كتاب التكليف السامي للسيد عون الخصاونة، والرسالة الملكية للواء الشوبكي ليرسما الخطوط الرئيسة والاهم، لعبور أخطر مرحلة، يمر بها الوطن، ويجب أن يكون الحوار هو القاعدة الأساسية، والحوار ليس فقط من أجل الحوار، بل للوصول إلى وصفات حقيقية، نحو الهدف المنشود، من التقاء الجميع، على قواسم مشتركة، من أجل الصالح العام، بعيداً عن التمترس خلف الآراء المسبقة، وعلينا أن نتجاوز الاختلاف ونعظّم المشترك، ونبتعد عن التراشق والاتهامات، إذا كنا جميعاً، مدركين أهمية الحفاظ على استقرار البلاد.
علينا ايضا أن نعترف أن المرحلة خطرة، ودقيقة، وأن الحكومة القادمة، عليها عبء ثقيل، لا بد أن تجد مساندة من كافة الأطياف الوطنية والشعبية، حتى تستطيع أن تعبر بالبلد، إلى بر الأمان، تنفيذاً للرؤية الملكية. فالمرحلة، كما الجميع مجمع على انها، مرحلة صعبة ومعقدة، ليس على المستوى الوطني فقط، بل على المستوى الإقليمي، بكل النواحي، الحكومة الجديدة، شكل من أشكال حكومات الانقاذ الوطني، وهذا متمثل، في الاختيار الملكي لشخص الرئيس، تأكد من الارتياح الواسع والعميق، الذي عمَّ مختلف المستويات الشعبية والسياسية في المملكة، ونتمنى أن يكون الفريق الوزاري، من أصحاب السجلات النظيفة والخبرات المتراكمة، وليس السياسية فقط، بل أهم من ذلك، خبرة التواصل مع الناس والقرب منهم، حتى يستطيع المواطن، أن يشعر، أنه شريك ومطلع، على اتخاذ القرار، وان حكومته جزء منه وانها حكومة انقاذ وطني فقد ملّ الناس حالة الجفاء بينهم وبين الحكومات.
الحكومة الجديدة ليست بحاجة فقط إلى تشجيع لفظي، بل بحاجة إلى تشكيل تيار وطني واسع وممتد، على مستوى المملكة، لدعمها في مهمتها الصعبة، وهنا يبرز دور الإعلام الوطني، الذي يجب أن يكون رافعة حقيقية، لكل ما هو إيجابي، بعيداً عن التهويل والاتهام والتشويش، ويجب أن يكون للإعلام في المرحلة القادمة، دور إيجابي كبير، على مستوى الوطن، ليكون أحد أركان عملية الإصلاح المنشودة.
(الدستور)