الحكومة الجديده بين المبالغه في التوقع وحجم الانجاز الحقيقي
د. عدنان سعد الزعبي
18-10-2011 07:51 PM
لا شك ان الاوساط جميعها متفائلة بتولي قاضي دولي معروف بنزاهته وبياض ثوبه وعمق تحليله وقراره الذي لا يصدر الا بعد تمحيص وتنقيب وجمع للادلة واستشارات , وهذه ميزات يمكن ان تكون ممتازة لقيادة المرحلة الحالية التي فقد فيها المواطن ثقته بالجهاز الحكومي وتوقفت لغة الحوار الحكومي مع الفعاليات الوطنية وانتاب الناس عقدة التعامل الواضح والشفاف مع الفساد هذا اضافة لملف البلديات الذي وضعنا في حارة (كل مين ا يده اله) .
وهنا لا بد من الاشارة الى اهمية عدم المبالغة في التكهنات ووضع الحكومة الجديده في قالب اكبر من الامكانات والظروف السائده فنحكم عليها بالفشل مقدما , بل على العكس لا بد من ان نشارك الحكومة العمل خطوة خطوه ونصفق لكل انجاز مهما كان حجمه لندفع به نحو المزيد المزيد
صحيح ان الرئيس عليه ان يتعامل مع الاستحقاقات التشريعية المترتبة على التعديلات الدستورية وخاصة قوانين هيئة الانتخابات المستقله وقانون الانتخابات البرلمانية وقانون الاحزاب و قانون المحكمة الدستوريه اضافة لقوانين اخرى ملحة الا ان الرئيس مطالب الان اعادة فتح الحوار الشفاف مع كافة الفعاليات البرلمانية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشعبية وان يستشير اصحاب الراي والخبرة والدرايه للوصول الى صيغة تمكنه من اخراج الوطن من عنق الزجاجة وتخفيف درجة الحرارة في الشارع العام وبنفس الوقت تنفيس الاحتقان الذي تراكمت اسبابه دون وجود حتى مجرد امل لمعالجته .
الملف الاقتصادي ايضا مهم جدا فالناس يشكون كثيرا من الفقر والبطالة وهي مستعدة ايضا لمزيد من التحمل ولكن شريطة وجود بوادر او مؤشرات تزيد من حجم التفاؤل ليس بمجرد تطمينات بل برامج وفعل لان الناس لا يمكن ان تصدق الشعارات والخطابات بمقدار ما تقتنع بالعمل والفعل . وهذا يدعوا الرئيس وحكومته القادمة ان يتعامل مع ملف الفساد بكل قوة , لان الناس تنتظر اجراءا عمليا بقضايا الفساد ومحاكمة المفسدين الذين يثبت عليهم ذلك وهنا لا بد من انهاء ملف خالد شاهين وبشكل شفاف وواضح اضافة لملفات الامانه والضمان الاجتماعي والعقبة الاقتصادية واراضي الدولة ومراجعة كاملة لملف الخصخصة اضافة لملفات طلما اطلع عليها الناس وملوا من طول الانتظار حيث لم يجدوا محاكمات جديه ونوايا حقيقة للتعامل معها بروح القانون. وهنا لا بد من ذكر تاثير قضية الكازينو وما شكلته من احباط مطلق عند الناس من التعامل مع قضايا الفساد والمجاهرة بمخالفة القانون والدستور .
اما الشللية والمحسوبية فهذا هم سيواجهه الرئيس الجديد وكيف طغت الشللية على التعينات في الدولة وسلب حقوق الذين يستحقون تارة بالتعيين المباشر وتارة باسم ما يسمى باللجنة , حيث همس لي نائب رئيس لاحدى الحكومات ان مثل هذه اللجان مجرد تغطية لمن نريد ؟ فهل يعقل ذلك وهذا ما ادى الى تراجع العمل الحكومي والتخبط في اتخاذ القرارات الصائبة التي تصلح للنهوض بالوطن , ولا بد من مراجعة شاملة لكافة كبار موظفي الدولة وتقييم ادائهم وانجازاتهم ومدى توافق تخصصاتهم مع طبيعة عملهم وما هي الاسس التي اتبعت لتعيينهم , وهذا يقودنا الى التوقف عن التعيينات العشوائية والتمحيص في السير الذاتية لاختيار الافضل والانسب والقادر على العطاء فليس من المعقول ان تاتي المصالح بوزراء وامناء عامين يتجاوزا اصحاب الحق .
نعم ان الرئيس الحالي سيثقل بالملفات التي لا بد وان يتعامل معها بدرجات لكنه مجبر على ان يخوض غمارها بحيث يكون صريحا وواضحا مع الشعب الاردني قريبا منهم في كل ما يفعل وهذا يتطلب منه حكومة تلبس ( الفوتيك ) وتخرج للناس في البوادي والارياف وتتحدث لهم وتسمع منهم ولمطالبهم واولوياتهم وفق برنامج تحدد على اثره الموزنات والمشاريع فالناس يريدون انجازا وليس شعارات وخطابات .
انه حمل كبير على الرئيس ويحتاج الى رفاق صادقين مخلصين للعمل العام صادقين مع الناس لا ينتابهم شبه ولا يسجل عليهم وخزه وهم في الاردن كثر عندها سنطالبه بالبرنامج الذي يحقق ما جاء بكتاب التكليف .
الاحزاب والتيارات والقوى والفعاليات الشعبية ايضا مدعوة للمشاركة في الصفحة الجديده والتوقف عن الندب بالماضي ومد يد الدعم لكل جهد مخلص والمشاركة المباشرة وغير المباشرة بهذه المسيرة الوطنية ودعمها اذا اصابت وتصويبها اذا اخلت وهذا يعني ان لا احد يملك الحق بالاعتذار عن المشاركة لان في ذلك تخاذل عن مسيرة الاصلاح وعنوان واضح من ان المعارضه هي لغايات المعارضة وهو الذي لا نريده جميعا من تيار او حزب او فعالية كونها جميعا في قارب المسؤولية .
حمل كبير على الرئيس الذي يعرف ان مدة حياة حكومته ستكون مرهونة بالاتخابات البرلمانية القادمة الا ان رئيسا يوافق على ذلك وبمثل هذا الضرف لانقاذ الوطن رغم ان الجميع يعرف طبيعة موقعه الدولي انما يؤكد حرص الرئيس على الخروج بالوطن من عمق الزجاجه وهذا مفرح ويبعث على التفاؤل فلنقف جميعا عند نداء الوطن ولنتحمل جميعا مسؤولياتنا للنهوض بمسيرة الوطن التي انشاء الله ستعود على الجميع بالخير متمنين للرئيس المكلف كل التوفيق .