صفحة من تاريخ الاردن " الحلقة السادسة "
21-05-2007 03:00 AM
حين دخلت الخيل إلى منطقة غربي آسيا من إيران سنة 2000 ق م ، زاد الطلب عليها خاصة من منطقة شرقي الأردن ، حيث كانت تربى ، اذ حملها الهكسوس التي تعود جذورهم الى شرقي الاردن معهم إلى مصر ، فأحدثت انقلابا هائلا في الفنون الحربية ، فكان اختراع عربات الخيول ضرورة عسكرية مهمة في تلك الفترة ، وقد استمرت تجارة الخيول من شرقي الأردن إلى مصر إلى أوائل القرن العشرين وقد شهدت شرقي الأردن مرور بني إسرائيل فيها في طريقهم إلى فلسطين ، بعد أن تاهوا أربعين عاما في سيناء ، فقد حاولوا الدخول من مؤاب إلا أن المؤابيين رفضوا مرورهم ، ثم توجهوا إلى مملكة أدوم فرفضوا مرورهم أيضا ، رغم أن بني إسرائيل عرضوا دفع ثمن الكلأ والماء لأهل أدوم طيلة فترة مرورهم ، ثم مروا في أطراف أدوم ، فقد توفي هارون شقيق النبي موسى في جنوب أدوم فدفن في جبل هور أي جبل هارون في أعالي البتراء ، ثم قفلوا راجعين إلى وادي عربة ، ثم إلى وادي اليتم متجنبين حدود أدوم ، ثم ساروا شرقا ، وداروا من منطقة الجفر ، ثم اتجهوا إلى شمال حدود مملكة مؤاب متجهين إلى وادي الموجب ، الذي كان حدا فاصلا بين ممالك الأموريين والمؤابيين ، فأرسلوا رسلهم إلى سيحون ملك الأموريين وعاصمتهم حسبان ، فاستأذنوهم بالمرور من بلادهم ، فرفض الملك سيحون الموافقة على مرورهم ، فما كان أمامهم إلا أن يحاربوا دويلة سيحون ، فوقعت المعركة في مكان يدعى جهاز ، فانتصر الإسرائيليون على سيحون ، ثم عادوا فاتجهوا إلى الجنوب الغربي إلى شمالي البحر الميت ، وفي الطريق أرسلوا جيشا لمحاربة عوج ملك باشان أي بيسان في شمالي غور الأردن ، وتمكن الجيش من الانتصار على باشان في درعا .
واتجه الإسرائيليون إلى منطقة عيون موسى وجبل نيبو غربي مادبا ، فلقي النبي موسى حتفه في نيبو ولم يدخل فلسطين أو ارض الميعاد ، فجاء في التوراة : " قد أريتك إياها بعينيك ولكنك إلى هناك لا تعبر" .
وقد تسببت محاولات العبرانيين لعبور شرقي الأردن إلى فلسطين بنشوب حالة دائمة من العداء بين ممالك شرقي الأردن والإسرائيليين ، فقامت الحروب والمنازعات ، حتى انه عندما حاصر نبوخذ نصر البابلي القدس عام 587 ق م انضم إليه الآدوميون .
وقد بقي ملك أدوم إلى أن طرد الأنباط الأدوميين من جبل سعير وأرغموهم على الرحيل إلى فلسطين .
كما كان من نتائج مرور الإسرائيليين في شرقي الأردن ؛ أن سقطت مملكة سيحون وهي فتية .
وقد استمرت الحروب بين الإسرائيليين الذين ملكوا فلسطين ، وممالك شرقي الأردن عدة قرون خاصة مع أدوم ومؤاب وعمون ، حتى أن المؤابيين تمكنوا من غزو الإسرائيليين في فلسطين ، فعقد الإسرائيليون هدنة مع قبائل بلست التي قدمت فلسطين من كريت لرد غارات مؤاب ، كما تعرضت أدوم لغارات البدو القاطنيين إلى الشرق من مملكته فغزاهم هدد ملك أدوم .
ولم تقو مملكة عمون على رد هجمات الإسرائيليين مطولا ، فاندحرت أمامهم في عوروعير في وادي الموجب ، واندحرت ثانية في سنة 1020 ق م بالقرب من يابش وادي اليابس ، حيث فقدت ملكها ناحاش في تلك المعركة .
اما مؤاب ؛ فقد تمكنت نتيجة المعارك مع الإسرائيليين من استرجاع اراضيها إلى مياه نمرين ، فيما بقيت جلعاد اي غربي منطقة شرقي الأردن بيد الإسرائيليين اثني عشر عاما، ولكن عمون تمكنت من فرض سيطرتها فيما بعد على المنطقة وطرد الغزاة .
وفي حوالي عام 1000 ق م ؛ أصبح داوود ملكا لإسرائيل ، فقرر شن الحرب على الممالك المجاورة ومنها ممالك شرقي الأردن ، فغزا مؤاب ، ثم حاول غزو عمون ، إلا أن عمون عقدت حلفا مع الآراميين في سوريا ، فأرسل داوود إلى عمون رسلا يخطب ودهم ، إلا أن حانون ملك عمون احتقر رسل الإسرائيليين ؛ فحلق نصف لحاهم وطردهم ، ولهذا قرر الملك داوود غزو مملكة عمون فأرسل جيشا إلى شرقي الأردن ، وبعد سلسلة معارك اندحرت قوى عمون ، ثم توجه إلى أدوم في جنوبي الأردن ، فهاجمها وقتل ملكها هدد الثاني فهرب ابنه هدد الثالث إلى مصر .
وما لبث اجتمعت ممالك شرقي الأردن وطردت الاسرائيليين، في عهد النبي سليمان ، فرجع الملك الأدومي هدد الثالث من مصر ، بعدما تزوج من أخت الملكة تحفنيس امرأة فرعون شيشونك الأول ، الذي حكم خلال الفترة من 945 – 924 ق م ، وهكذا لم يبق لليهود في شرقي الأردن ؛ إلا بقعة صغيرة تقع قرب العقبة تعرف باسم عصيون جابر.
وعادت الحروب لتستعر بين الإسرائيليين في فلسطين وممالك شرقي الأردن ، إلى أن ضعفت المملكة اليهودية . ومما يجدر ذكره أن ملك مؤاب ميشع ، قد ترك سجلا لانتصاراته على الإسرائيليين على حجر اكتشف في ذيبان يعود إلى عام 1868 ق م ، فقد تمكن بعد الانتصار عليهم من توسيع حدود مملكته إلى معان .
إلى أن نلتقي في حلقة قادمة لكم تحية والى اللقاء