من دفع بالحل الى الحائط في بدو الوسط؟!
د. اسامة تليلان
23-09-2016 11:28 PM
حادثة الصناديق الثمانية او العشرة او الاربعة فالتصريحات حولها متضاربة، هذه الحادثة التي وقعت بدائرة بدو الوسط، وتم خلالها العبث بهذه الصناديق وفقدان احدها، حادثة قد تقع في اي دولة، لكن ما هو مهم طبيعة الاجراءات التي تتخذ من الهيئة المختصة بالانتخابات في مثل هذه الحالة، ولدينا من المفترض ان تكون هذه الصلاحية منوطة بالهيئة المستقلة للأشراف على الانتخابات ومجلس المفوضين.
الهيئة بادرت فور وقوع الحادثة الى الاعلان عنها بكل شفافية، ثم تبع ذلك عدة تصريحات من الناطق الاعلامي للهيئة ولرئيس الهيئة افادت بانه سيتم اعادة الانتخاب في الصناديق المشكلة، وهو ما بعث نوع من الطمانينة الى سلامة الاجراءات المتخذة.
لكن المفاجأة التي عقدت مسار جميع الحلول الممكنة فيما بعد، الحلول التي ترضي جميع الاطراف، وانهاء الازمة مع الحفاظ على سمعة العملية الانتخابية، بدأت تتبلور بعد سلسلة من التصريحات المتضاربة، هو الوقوع بواحد من الاخطاء الكبيرة حتى وان لم يكن بها نص قانوني، وهذا الخطأ تمثل في فرز الصناديق الموجودة رغم وجود صناديق مفقودة واخرى تم العبث بها، وقد وصل للمرشحين نتائج فرز هذه الاصوات ناقص الاصوات الموجودة في الصناديق الاخرى.
فالأولى ان يتم التحفظ على الصناديق الموجودة او نتائجها بالطرق والاجراءات القانونية ، حتى يتم حل مشكلة الصناديق الاخرى.
لانه بخلاف ذلك تصبح عملية اعادة الانتخاب تشبه فتح العطاءات ثم فتح الباب من جديد لقبول مناقصات اضافية بعد ان انكشفت الارقام، اذا الذي عقد مسار الحلول القانونية تمثل في عملية الفرز للصناديق ووصول نتائجها الى الجميع وفي مقدمتهم المرشحين.
ورغم ذلك ربما كان الاجدى الاحتكام لقانون الانتخاب المادة 49 حتى وان لم تكن ملزمة، واعادة الانتخاب في هذه الصناديق، حتى بعد انكشاف الارقام الاولية في الصناديق الاخرى بكل ما يعنيه ذلك من نتائج وتداعيات.
فالقانون ينص مـــــــادة (49):
إذا تبين للمجلس وقوع خلل في عملية الاقتراع أو الفرز في أحد مراكز الاقتراع والفرز من شأنه التأثير في أي من النتائج الأولية للانتخابات في الدائرة الانتخابية فله إلغاء نتائج الانتخاب في ذلك المركز حسب مقتضى الحال وإعادة عمليتي الاقتراع والفرز في ذلك المركز في الوقت والكيفية التي يراها مناسبة.
لكن يبدو ان هذا الخطأ وعدم وجود نص قانوني به قد دفع بالحلول القانونية الممكنة لهذه المشكلة الى الحائط بشكل قوي، ودفع ربما الى عدم تطبيق النص القانوني المتوفر، ودفع الهيئة لإعلان النتائج بدون اعتماد نتائج اربع صناديق وسط رفض واضح من ناخبين وكرشحين ، بكل ما يعنيه ذلك من تأثير على نتائج الدائرة الانتخابية وبما يلحق بالعملية الانتخابية من ضرر فادح.
هناك مشكلة كبيرة وقعت بغض النظر عن دوافعها واسبابها واطرافها، وهناك جهة او جهات تقع عليها مسؤولية الاخطاء التي كان يمكن تداركها بعد وقوع الحادثة.
ولعل التنبه الى ضرورة اضافة مادة الى قانون الانتخاب تمنع فرز الصناديق بمثل هذه الحالة حتى تحل المشكلة القائمة في اي مركز اقتراع ومعالجة مثل هذه الحالات بالقانون احد الدروس المستفادة.