العلمانية على مائدة "نيسان"
27-08-2016 05:52 PM
عمون - وضعت العلمانية وعلاقتها بالدولة والديمقراطية والدين على طاولة الحوار، وطرح محاضرون وحضور أسئلة جريئة حول قضايا مختلفة تتعلق بهذا الجانب، ربما تطرح للمرة بهذا الشكل، أبرزها علاقة العلمانية بالدين، وان كانت الدولة المدنية ضد الدين.
الورشة الحوارية التي نظمها مركز نيسان للتنمية السياسية والبرلمانية، برعاية العين مهند العزة تحت عنوان العلمانية والدولة والديمقراطية والدين، طرقت خزان المسكوت عنه بمشاركة اكثر من 70 مشارك من أساتذة جامعات ومفكرين وساسة وقادة إسلاميين وحزبيين، تداخلوا مع المحاضرين في نقاشات بعضهم تلاقوا معهم، وبعضهم الأخر اعتبر أن العلمانية تغليف للإلحاد.
وفي بداية الورشة الحوارية قال رئيس مركز نيسان للتنمية السياسية والبرلمانية العين بسام حدادين، أن ورشة العمل تستهدف تقديم العلمانية وعلاقتها بالدولة والدين والمواطنة من خبراء مختصين لمواجهة حملة التشويه التي تلاحقها من قبل تيارات سلطوية محافظة دينية وسياسية، وهي الأولى في الأردن التي تتحدث عن العلمانية، ونوه انه قد آن الأوان للحديث عن هذا الموضوع بشكل واضح وراقي، وأعرب عن أسفه بسبب تهرب أحزاب علمانية من الحديث عن الموضوع.
وقال حدادين أن الورشة تأتي في ظل تنامي حديث مجتمعي حول موضوع العلمانية والدولة المدنية والدين، الأمر الذي يتوجب معه فتح طاقات حوار مختلفة ومركزة حول تلك المفاهيم وترك الأفكار تتلاقى مع بعضهم البعض للوصول لمرحلة متقدمة من فكر تقدمي حديث، مشيرا ان الصراع المذهبي والطائفي والديني الذي يجتاح المنطقة عزز مكانة العلمانية وحضورها كمدخل لمعالجة الاختلافات المجتمعية.
راعي الورشة العين مهند العزة قال نحن هنا لا نناقش أفضلية اتجاه على آخر، وتابع اعتقد أن كل ما جاء لهذه الورشة فان في ذهنه الاستماع لمداخلات قيمة، وهنا قد يسمع بعض الحضور مداخلات قد لا تعجبهم وبالتالي فأنني اعتقد أن الأصل أن يكون النقاش منفتح ونتفهم بعضنا بعضا.
وتابع بالقول لا اعتقد انه يجوز استخدام لغة دبلوماسية للحديث ضمن هذه الورشة، وإنما نحن بحاجة لطرح كل المواضيع على طاولة النقاش والبحث والحديث، وتمهيدا فأنني اعتقد انه يجب طرح العديد عن علامات السؤال وهي هل العلمانية هي فقط فصل الدين عن الدولة؟، وهل العلمانية تتعلق بالسياسية وإنما تطول الفنون والاقتصاد وخلافه؟، وماذا يعني فصل الدين عن الدولة، فعن أي دولة يجب فصله، وما هو شكل الدولة التي يتوجب فصل الدين عنها.
وقال أرى انه يتوجب الوصول للحد الأدنى من مفهوم العلمانية، ويتوجب مناقشة أسباب ابتعاد العلمانيين عن الحديث عن مفاهيم العلمانية، وان نخرج من هذه الورشة بصورة أكثر وضوحا عن العلمانية.
وفي الجلسة الأولى للورشة التي أدارتها الناشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أسيل الزبن، قال الدكتور احمد مساعدة في مداخلة حملت عنوان العلمانية والسياسة والدولة المدنية، انه لا يوجد لدي أجوبة قاطعة حول موضوع العلمانية، ولكني اعتقد أن هناك خلط في المفاهيم بين العلمانية والدولة المدنية، موضحا أن الدولة العلمانية تقبل الأفكار في الفضاء الداخلي فتقبل بالمعتقدات الدينية والمعتقدات الإلحادية وهذا ما تقوم عليه فكرة العلمانية، والفكرة الثانية التي تقوم على أساسه هي الدولة العلمانية هو المساواة الكلية بين المؤمنين وغير المؤمنين.
وقال أن الدولة العلمانية في أوروبا أو أمريكا حققت مسائل مهمة أبرزها إنهاء الصراعات الطائفية او الصراع الداخلي في أوروبا وأمريكا، وأنهت شرعية الفتوة الدينية التي تمس حياة الفرد، فأوروبا خرجت من بؤرة صكوك الغفران، وانطلقت باتجاه الثورة العلمانية، والنتيجة ما صدر مؤخرا عن مجلس الدولة الفرنسي فيما يخص البوركيني ورفض منعه على الشاطئ، وهو دليل قاطع عن مفهوم العلمانية، والسؤال المطروح هل هذا يمكن حصوله في المنطقة في ظل وجود دول دينية كإيران والسعودية، والمسالة الأخرى التي طرحتها العلمانية هو التخيل العلمي، والانجاز الأخر الذي حققته اورويا هو تحول الدين لان يكون علاقة روحية بين الخالق والمخلوق.
وعن إشكال الدول العربية فقال هي دول أبرزها أما دول دنية أو عسكرية مع الفارق بين دولة وأخرى، وسأل هل تستطيع الدولة العربية الخروج من جلدها وتغادر مفهوم السلطة الذي لازمها من سنين، معتبرا أن التحدي الآن هو كيف يمكن الانتقال بالعربي المسكون بالهاجس الديني إلى فضاء آخر.
بدوره قال الدكتور جمال الشلبي في ورقة حول اشكالية العلمانية في العالم العربي، أن العلمانية ليس كما يروج له بأنها الحاد بالمطلق، مشيرا انه يلمس أنيا انتعاش للتيار العلماني، في ظل صعود التيار الأخر وهو الديني، معربا عن اعتقاده أن العالم العربي يعيش في حالة قلق واضح، وان نماذج الدول التي ادعت إنها دول علمانية في المجتمع العربي كمصر الستينات وعراق صدام حسين وسوريا لم تكن مشجعة.
وقال أن العلمانية ليست كفر، والعلمانية جاءت لتقول أن الناس متساوون سواء أكان المواطن متدين أو لا ديني، منوها أن دولنا الآن تبث وتخرج منها رائحة طائفية بين سني وشيعي، فهل يعقل أن تقوم العلاقات في العالم العربي والإسلامي على المذهبية والطائفية بدل الوصول إلى مراحل تفكير متقدمة.
وقال أن العقل العربي مشوش، واعتقد أن الشأن العام يجب أن لا يكون ممزوجا بالدين، ولا يجوز أن تنفي الأغلبية الأقلية، ولا اعتقد أن العلمي فقط فصل الدين عن الدولة، بالمفهوم المطلق، وهنا ارفض التميز بين الدولة العلمانية والدولة المدنية، واعتقد انه بدون عدالة اجتماعية وتضامن لا يمكن الوصول إلى الدولة العلمانية أو المدنية، مؤكدا على قناعته أن العلمانية ليست صناعة مستوردة وإنما تراث أنساني يسعى لاحترام الإنسان.
وختم الدكتور ذوقان عبيدات الجلسة الأولى للورشة بمداخلة حملت عنوان العلمانية وتحرير العقل/ التعليم نموذجا، قال فيها أن العقل العربي مثقل بالنصوص، ومنهك بالمحرمات والغيبيات، وان هناك الكثير من النصوص التي يتوجب إعادة النظر فيها في مواضيع شتى، الأمر الذي يتطلب حالة دفع مجتمعية قوية توصلنا إلى ذلك، وهذا يدفعنا لطرح أسئلة كثيرة بحاجة لإجابات أبرزها قدرتنا على انتهاج الحداثة طريق تفكير، وإيماننا بأهمية التفكير العلمي دون أن يكون في الذهن نفي الأخر.
وقال اعتقد إننا بحاجة لتطبيق التعليم التأملي والتخليلي، وبحاجة لدراسات بين الأديان ولهذا نريد عقل يتحرر من سلطة النصوص، وتعليم يقرب مفهوم رب العالمين الرحمن الرحيم إلى الطالب، وبحاجة لتعليم يؤمن بحرية الجميع والمساوة، والحديث عن أن المرأة أخت الرجل، وأي حديث خلاف ذلك هو حديث استعبادي، فالمرأة كائن مستقل حر وليس كائن مضاف لكائن آخر، وان الانتقال من نصوص جامدة إلى نصوص سائلة، وهناك ختان سمعي وبصري وفكري وقلبي وخلافه من إشكال الختان التي تمنعك من الاستماع بالموسيقى او مشاهدة لوحة فنية، مشيدا بالتعديلات التي قامت بها وزارة التربية والعليم في مناهج الصفين الرابع والسادس.
ودار نقاش موسع بين الحضور والمحاضرين حول القضايا التي تم تناولوها في حديثهم، وانقسم التداخلين بين المؤيد والمخالف لمذهب المحاضرين.