عقيد الهاشمي .. * المحامي "اندريه مراد" حواري العزوني
07-07-2016 01:05 AM
في السادس من تموز، وقبل عام تحديدا، توفي بين ايدينا من دون سابق انذار، ومن دون اي شكوى مرضية، عقيد الهاشمي الشمالي.
وعقيد الهاشمي الشمالي كما كان يحب اصدقاؤه ورفاقه ان يطلقوا عليه تحببا بشهامته الشعبية والانسانية، كان عبدالناصر عصايرة ابو عمر بالفعل كتلة من النشاط والحيوية والعمل الانساني الذي لا يهدأ ليلا ونهارا، فاستحق اللقب الشعبي عقيد الهاشمي.
تعرفت على ابو عمر قبل نحو سنتين، ولانني سمعت عنه الكثير من المواقف الشجاعة والانسانية، طلبت منه ان يعمل معي في جمعية التواصل الخيرية مديرا لمكتبي وللعمل الاجتماعي في الجمعية.
في البدء رفض الفكرة متذرعا انني لا استطيع ان البي كل طلباته، وقال لي بالحرف الواحد "انا مزعج وطلباتي كثيرة"، لكني ضغطت عليه لقبول العمل، لاكتشف ان ابو عمر لا يطلب شيئا خاصا له، وازعاجه مرتبط بطلبات الناس التي لا يستطيع ان يقول لاحد كلمة لا، مهما كان نوع الطلب ووقته ليلا ام نهارا، واكتشفت اكثر انه من انظف من تعاملت معه في القضايا المالية، وما دققت يوما معه في الامور المالية الا وظهر انه كان يدفع من جيبه الخاص.
كان ابو عمر شخصية فريدة، وبالمعنى الشعبي (يفرد صدره) لكل صاحب حاجه، ويخدم الناس في جميع قضاياهم، الاجتماعية مع الاسر المحتاجة، والعائلية في حل مشاكل المشاجرات في منطقة شعبية من اكثر مناطق بلادنا ضغطا في عدد السكان، وليس المشاجرات فقط، بل تعدت الى اصلاح ذات البين بين الزوج وزوجته، وانهاء بعض مشاكل التفكك الاسري بحيث يمنع بكافة السبل الوصول الى حالات الطلاق، بصريح العبارة، كان حلال مشاكل من طراز نادر.
يوم وفاته، قصة غريبة لا بد ان تروى، حيث دعوت عدد من الاصدقاء الى افطار رمضاني في مزرعتي الخاصة في الاغوار، ولم يكن ابو عمر من ضمن المدعووين، لانه كان مرتبط بنشاط تكريمي له علاقة بالايتام، لكنه اصر على الحضور، واصر ان يكون المعزب لجميع الضيوف، فقام باعداد الطعام وشواء اللحمة، كما كان يوزع الاكل على الجميع ويطعم بيده.
انهينا الافطار، وكان المتحدث المسموع من قبل الحضور، غلب على حديثه سواليف الموت، وذكر قصة واحد من اصحابه تعرض لحادث سير مات عجنا بعد ان طحنت قوة الحادث اضلاعه واخرجت جثته بصعوبه من بين حديدها المضروب.
بعد حديث الموت، تشاركنا فريقين في لعب كرة القدم، ولم تمض دقائق الا وابو عمر يشعر أن صدره يتمزق، وعلامات الجلطة تبدو ظاهرة على وجه، فأستعان بي، وقال "اندريه انا عارف شو مالي خذني الى المستشفى انا اموت...."، وقبل ان نصل به الى المستشفى كان قد سلم الروح الى باريها.
اعترف لكم الان ان عبدالناصر عصايره، هو اول انسان لفت نظري الى فكرة الترشح للانتخابات النيابية من أجل ان نتوسع اكثر في خدمة المجتمع المحلي، وخاصة فقراءه ومحتاجيه.
وأعترف اكثر، انني لم احترق يوما مثلما احترقت روحي يوم وفاة صديقي ابو عمر، الشاب الاربعيني الوسيم.
اقسم بالله العظيم يا صديقي، يا ابا عمر وجمال وعلي ورند ورنين، ابنائي بعد ان فقدوا اباهم، بانني سوف ازور ضريحك في مقبرة طبربور، لاقرأ على روحك الفاتحة فور اعلان نتائج الانتخابات النيابية لابشرك بفوزنا فوزك، اذا كتب الله لنا النجاح والتوفيق.
لروحك الرحمة صديقي، ولارواحنا جميعا، وما بدلت تبديلا.