سوريا قلب العروبة النابض: قلبي على مصر
طلال الخطاطبة
07-09-2013 11:31 PM
لا شيء يميز سوريا عن غيرها من الدول العربية لأعتبرها قلب العروبة النابض إلا وقوفها _و قد حان دور جزرها شأنها شأن من سبقها من الدول العربية و من سيلحق بها _ في صف المجزورين. نعم هي قلب العروبة النابض كما كان العراق و تونس و ليبيا سابقاً و مصر لاحقاً إذا استمرت الأحداث بالسيناريو نفسه، فليس من الصعب التنبؤ بالنتائج لما يجري في الدول العربية التي وقع عليها الاختيار لتكون ضمن منظومة الربيع العربي؛ تبدأ الاحداث بالحقوق الإنسانية و تعنت حاكم فجبهة معارضة في حضن الغزاة تناشدهم الفزعة لتخليص الشعب من ظلم حاكمه لتهور الحاكم بقمع الشعب لتلفيق التهم و النفخ فيها عبر قنوات الشؤم إياها من عربية إلى جزيرة و عالم الكتروني لا يهمه إلا زيادة عداد الزيارات، فقدوم الغزاة (مُحرِرين)، فيُستَقبلوا بالورود ثم الحكم على الحاكم و إعدامه أو الإرشاد عن مكانه و تركه لمصيره بين يدي شعبه.
ليس من الصعب التنبؤ بمستقبل المنطقة ككل، فالحال أشبه ما يكون بمجموعة من الذبائح تساق الى مصيرها المحتوم بالمسلخ ضمن مسار محدود لا يتيح لها الإنفلات لكن مع بعض الحرية ليقدم القويُ الضعيفَ إلى مصيره غير مدركٍ أن دور هذا القوي قادم بعد ان تنتهي الذبائح و لا يجد الجلاد إلا هذا الكبير ليجزره. نعم "مؤامرة" و "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" نحفظها كلها و لكننا نقع دائما بنفس الأخطاء تماما كما الغزاة أنفسهم؛ لكننا نقع فيها دائما جهلاً و غباءً و يقع فيها الغزاة استعلاءً و عدمَ اكتراث؛ فلماذا يخططون للجديد من الأساليب!
الضربة القادمة على سوريا هي بداية العدوان الشامل و لن تكون محدودة الأهداف باستثناء الضربة الأولى ربما، و ستحصد الأرواح البريئة فلن يتم تشفير القنابل و الصواريخ لتقصف الأبنية و المواقع و يخرج منها قاطنوها سالمين. وستخرج روسيا و الصين من اللعبة طائعين أو قابضين أو مرغمين، و ستثبت الأيام كذب مقولة الكيماوي كما ثبت كذبهم بالعراق، و هم يدركون ذلك، لكن الأمر لديهم هو مسوغ شخصي لهم فقط ليغزوا هذا البلد و يدمروا بنيته التحيته و الفوقية و لا يهمهم الملايين التي ستتشرد من البشر، و الملايين التي ستتأثر بتشريدهم فالقضية ستكون قضية لاجئين أو نازحين تعالجها الأنوروا بالمخيمات و أكياس الدقيق و سيـتأقلم البشر معها، و للمنطقة تجربة سابقة بهذه القضية.
و سيثبت ايضا أن القضية ليست القضاء على بشار الأسد كما أنها لم تكن الإطاحة بصدام حسين؛ القضية هي البلدان العربية المزدهرة التي تحاول أن تجد لها موضع قدم في هذا العالم الذي لا يرحم؛ و سيكون الدور بعد سوريا على الدولة التي تليها، فالعقد ستنفرط حباته إن انقطع خيطه؛ و خيط العروبة انقطع منذ سنين، لهذا كما أسلفت أن المسألة مسألة دور فقط.
لكن لماذا نضع اللوم كله على الغزاة؟ من يوفر لهم التربة الخصبة للقدوم؟ نحن أول من "جاب الدب لكرمنا" كما يقول الإخوة بالشام، و من أعطى الضوء الأخضر بقدوم الغزاة هو حافظ الأسد نفسه عند ما قال "لا يمكن لأي قوة عربية إخراج صدام حسين من الكويت" لتبرير وقوفه مع أمريكا في خندق واحد ضد ابن حزبه و منطقته و عروبته و دينه. و ما يشبه هذه العبارة قالها من يؤيد قدوم الأمريكان لسوريا الآن، و سيقولون مثلها لتبرير دخولهم الى مصر ربما.
ندرك أنه لا وقت للوم و لكن يجب أن ندرك جميعاً أننا كنا مسؤولين عن ما حدث بسوريا من التحريض المستمر و تشجيع ما يسمى بالجهاد في سوريا و بالمشاركة بتسليح المعارضة و تمويل حملات تهجير المواطنين من المدن السورية لخلق قضية عالمية، تماما كمسؤولية النظام نفسه.
و بنفس القدر الذي نتحسر فيه على سوريا فهي أصبحت عراق 2 نضع أيدينا على قلوبنا على مصر واسطة عقد الأمة العربية، فما ينتظرها ليس بالأمر البسيط و ان كان لا يبدو كذلك بأوله.
أما الدول التي لم يلحقها الدور فيجب عليها التوقف عن النفخ تحت نار الصراعات الداخلية بالدول الأخرى و خاصة فيما يجري بمصر فقلبي على مصر أيضاً، فما يحدث بالدول العربية من أول خريف عربي الى آخره لا علاقة له بمطالب شعوب و حقوق إنسان، إنما هو استعمار من نوع جديد تستعمر فيه الشعوب نفسها لصالح القابع هناك في مكان ما من العالم و لا أقول البيت الأبيض، إذ ربما سيُظهر المستقبل أن البيت الابيض نفسه ضحية لهذا القابع هناك.
و إن كان هناك فسحة من الوقت أنصح أن تتوصل الشعوب وحكامها لنقطة التقاء و لا يصر كل طرف على نوع معين من الإصلاح لا يرى فيه الآخر الإصلاح المطلوب؛ فالعاقل من اتعظ بغيره. هذا اقتراح إذا هناك في هذا الجزء من العالم من ما زالت لحيته بيده لا بيد غيره.
أما عن سوريا فلا نملك لها الا الدعاء إن كنا صالحين و تنبطق علينا شروط الدعاء أن يحفظ الله سوريا وطناً و شعباً و مقدرات. إنها سوريا أتفقنا مع نظامها أم اختلفنا؛ إنها سوريا، و لن يدرك ماهية سوريا إلا الأردنيون و سنبقى معها لأننا بوقوفنا الى جانب سوريا نكون قد وقفنا مع أنفسنا هنا بالأردن.
سلام من صبا بردى أرق // و دمع لا يكفكف يا دمشق
و معذرة اليراعة و القوافي // جلال الرزء عن وصف يدق
هل سيكفي الشعر و النثر للإعتذار لسوريا و العراق و ما سيتبع؟؟
حمى الله الأردن و سوريا
alkhatatbeh@hotmail.com