عمون - اثارت المقالة التي نشرتها "عمون" مساء الأحد مترجمة عن صحيفة "جروزلم بوست" الاسرائيلية شؤونا وشجونا عند كاتبها مضر زهران ما دعاه الاتصال برئيس تحرير عمون للاعتذار الى الشعب الاردني الواحد وعدم تكراره لهذا الخطأ مرة اخرى وأن مساسه بالوحدة الوطنية سيكون آخر المطاف في مقال الصحيفة التي اصطادت بالماء العكر .. وفيما يلي نص الرسالة :

رئيس تحرير عمون ..

احيطكم علما بالقرار التالي ، حيث أنني قررت أن أعلن اليوم وبعد مقالي الأخير في الجروزلم بوست أنني لن انشر اي مقالات أو مواد بأي لغة كانت بالشأن الأردني الداخلي أو الخارجي.

وأعلن أنني لن اتطرق إلى الأردن بأي شكل في كتاباتي وابحاثي، مؤكدا أن هذا القرار جاء بسبب أنني لمست بشكل واضح أن مقالاتي يتم إساءة تفسيرها وإستغلالها من قبل البعض ضد وطني الغالي سواء بسوء نية أم عن سوء فهم.

مما جعلني أشعر بالضرر الواقع على مصلحة البلاد والعباد من ما يتم استغلاه من مفاهيم تقع تحت سوء التفسير نتيجة تلك المقالات ، كذلك فإنني لا اتحرج من القول أنني كتاباتي كلفتني الكثير أسرياً حيث أنني قد وقعت تحت ضغط شديد من والدي العزيز، عدنان زهران، وهو رجل يسبح بحب الوطن والولاء للهاشميين ، وصل إلى حد التهديد بمقاطعتي التامة إن كتبت أي شيء أخر وإعتبار إستمراري في الكتابة عقوقا له شخصيا وعقوقا للوطن ، وكان علي أن أختار ماهو أهم من كتاباتي: مصلحة وطني ورضى والدي.

هذا وبقي أن اقول، أنني لا زلت مؤمنا بأن جلالة الملك هو الأشد حرصا على الإصلاح، وأن الإصلاح مسيرة صعبة نتيجة وجود أصحاب الصوت العالي من المتنفعين الذين هم في الحقيقية إساءة للوطن.

إن جلالة الملك قد افاد في لقاء له مع جريد الحياة في لندن بأن الإصلاح في الأردن يتعرض لقوى الشد العكسي.

أشكركم على النشر.

أدناه رسالة ارسلها لي والدي بعد نقاش شديد العتب منه.
بإمكانكم نشرها إن شئتم.
مضر زهران.
...................

بالرغم من كل التوجيهات والنصائح التي قدمتها لك بأن تكون واقعياً ووفياً ولا ترمي حجراً في البئر الذي شربنا منه جميعاً وبالرغم من العناء والشقاء الذي لاقيناه من مسيرتنا معك إلا أنني حاولت بكل الوسائل أن تكون على قدر المسئولية .

والآن وبعد أن ظهرت علينا بكتاباتك المتلاحقة التي لم يكن لك فيها مصلحة ولا تعود عليك الا بالعداء والحقد وسوء المنقلب حيث كتبت ما هو في قناعاتك وليس في قناعاتنا .

إنني يا مضر ابرىء نفسي واهلك جميعا مما كتبت وتكتب لاننا عندما تعيش الحقيقة فليس فيما تكتب طوق النجاه وكان امامك وسائل اخرى كثيرة ديمقراطية كان يمكنك ان تعبر من خلالها عن كل المرارة التي ظهرت في ما كتبت.

إنني وأهلي نرى انك جافيت الحقيقة والواقع بل انك اظهرت انك لا تعلم حجم العلاقة التاريخية الازلية بين ابناء الشعب الواحد بكافة اطيافه خصوصا ابناء شرق الاردن وغربه فهم اهل ودم ونسب وهم في جهاد مشترك .

أود هنا ان ارد عليك في بعض ما كتبت .
أولا- انظر إلى الحال البائس الذي يعيش فيه الفلسطيني في لبنان وسوريا اذ انه محروم من كل مقومات الحياة بينما نحن هنا ننعم بحياة رغدة كريمة حرة لا يعكرها صفو او يشوبها شائبة .

ثانيا- انك اعرف الناس بان الاردن كان ولا يزال مستهدفا من جيرانه العرب والاسرائيليين معا .
أما العرب فقد استهدفوا الاردن منذ ثورة 56 في مصر ولا داعي ان اقف عند كل مرحلة مرت بها العلاقة مع مصر وسوريا ولبنان من خلال افكار عبد الناصر التي جعلت من الاردن العدو الاول في ذلك الزمان .
أما إسرائيل وبرغم اتفاقية وادي عربة الا انها وعلى لسان كل قادتها يصرون ان الاردن هي فلسطين وينادون بالترانسفير القصري للفلسطينيين الى الاردن .

ثالثا- لك أن تتخيل أطماع إيران التوسعية عبر حزب الله وحماس والمتطرفين الشيعة الذين حكموا العراق وعصابات القاعدة الذين جميعا استهدفوا ولايزالون يستهدفون الاردن وليس ما قام به الزرقاوي ببعيد .

رابعا- إن كل ما تقدم يلزم الاردن ان يتسلح وبكل انواع الاسلحة كي يحمي نفسه وبكل الوسائل .

خامسا- بالرغم من كل الاتفاقات الدولية والحماية حسب القوانين الدولية الا ان اسرائيل ترفض الموافقة على ان يكون الاردن قادرا على بناء مفاعل للطاقة النووية للاغراض السلمية فهل نعتبر ان اسرائيل في حالة سلم مع الاردن .

سادسا - اننا هنا بدون ادنى شك نتمتع بكامل الحقوق امام القانون وليس لاحد منة او فضل علينا لان الاردن دولة موسسات بناها الحسين الباني رحمة الله وسار على دربه عبدالله الثاني وكم من مسئول كبير تعرض لحكم القضاء ونال جزاءه بغض النظر عن عشيرته او جاهه او غناه لان الاردن اولا .

سابعا- إن الأردن ليس في سياستها اقصاء أي مواطن عن اي موقع او مجال عمل وهو مفتوح للجميع وفي كل الاماكن غير ان الناس تستنكف عن التقدم للانخراط في سلك العسكرية او الامن لأن لهم قناعات خاصة والاردن ليس به خدمة علم اجبارية كغيرنا من الدول لذلك ترى ان اهل القرى والريف يرغبون ان يكونوا عساكر ويعشقون اللباس العسكري وهي سليقة وفطرة لديهم وعليه وبقانون العسكر والسلم الوظيفي في الخدمة المدنية او العسكرية يترقية احدهم تلقائيا ليصل في النهاية الى اعلى المراتب وهذه سنه الكون في كل الدنيا وليس في بلادنا فقط فليس عيبا وليس جريمة وليس مقصودا ان يكون الناس او بعض الناس من لون واحد في مراكز مهمة في وقت ما لان العكس صحيح فكل او معظم الناس في القطاع الخاص من فئه او لون اخر لأن هذه انماط اجتماعية وليست سياسات دولة .

ثامنا- ان الازمات التي مرت بها المنطقة هي المسئولة عن ما نحن فيه من اوضاع اقتصادية فهي عالمية وليست اردنية فقط بل في امريكا وبريطانيا واسبانيا واليونان وغيرها فلا يوجد فلسطينين او اردنيين في هذه البلدان كي ينهار الاقتصاد في تلك الدول ان القصة عالمية وليست اقليمية او وطنية فنحن كغيرنا وان من غير المنطق ان تتاثر كل الدنيا بالركود الاقتصادي ولا يتاثر الاردن .

تاسعا - بما انك خبير فانه من نافلة القول ان تعلم ان حربا ما ستقوم في هذه المنطقة فلماذا لا يستعد الاردن لها بالسلاح والتعزيز العسكري ام ان الامر يمر كما مر في عام1967.

عاشرا- يعلم القاصي والداني بان العسكرية الاردنية والامنية الاردنية هي مدرسة محترمة في حد ذاتها تماما كما العلماء والمهندسون والاطباء الاردنيون محترمون في كل الدنيا ومشهود لهم بالكفاءة والوعي بحيث ان بلدنا من اكثر دول العالم امنا وامانا سواء في الداخل ام في حفظ الحدود وان رجال البعثات العسكرية مفخرة لدى الامم المتحدة ويشرفون العسكرية الدولية لانهم الاكفأ والاكثر انضابطا او اداء اذن فهم ثروة للاردن ودرع لحمايته .

احد عشر- ان جميع الدوائر والمؤسسات المدنية والعسكرية مفتوحة لكل مواطن اردني فمن يتقدم يجد ما يرغب ان كان بالكفاءة واللياقة المطلوبة والعلم المتاح ولا علاقة للدولة اذا ما استنكف الناس عن التقدم للعسكرية او غيرها من القطاعات وخير دليل على ذلك الاقبال الشديد على المعاهد والجامعات العلمية والاستنكاف عن الاكاديميات العسكرية من قبل بعض الفئات واضيف بان القانون يعاقب من يكيل بمكيالين .

ثاني عشر - ليس لاننا في العالم الثالث ولا لاننا نحترم العشيرة ولا لاننا عنصريون او غير ذلك بل لان الفرصة متاحة للجميع ولكن ابناء العشائر هم من يرغبون في العسكرية على عكس ابناء المدينة فكم من ابن فقير اصبح وزيرا او قائدا عسكريا فذا او امينا عاما لوزارة او حتى رئيس وزراء في بلدنا .

ثالث عشر- لا تتوهم فان في الاردن اغنياء من كل الاطياف وفيه فقراء من كل الاطياف .

لقد بنى الحسين رحمه الله دولة موسسات وسار على خطاه قائد الوطن الملك عبد الله الثاني فليس هناك مكان لمن ينعق في بوق العنصرية او الاقليمية او التفرقة مهما كانت وان من يقوم بذلك انما هو مأجور متهافت لا مكان له تحت الشمس لانه يسير في طريق خطأ ورحم الله الحسين بن طلال حين اعلن في قرار فك الارتباط عام 1988 بان فك الارتباط هو في الارض وليس في البشر لان الاردني يبقى اردنيا حتى تقوم الساعة بموجب الدستور لعام 1952 ولمن لا يعرف فليعود لنص الخطاب انذاك .


لكل ما تقدم فان الاردن اردننا جميعا وان ملكنا هو ملك الجميع بالروح نفديه الان وغدا وفي كل حين ولن يثنينا عن ذلك اي موتور او حاقد من اي ملة كان .

وبالرجوع إلى الماضي القريب او البعيد فان الهاشميين دعاة وحدة وقد تجسد ذلك في رؤساء الحكومات السابقين حيث ان اكثرهم كانوا عربا من اصول مختلفة ولكنهم خدموا بكل اخلاص وتفان في ظل المفهوم الوحدوي للهاشميين لان رسالتهم منذ اللحظة الاولي هي لم شمل العرب من خلال الثورة العربية الكبرى .

والدك : عدنان زهران.